مقالات وآراء

محمد نجيب الشافعي يكتب: “أما بعد”.. رحلة الملاليم والملايين

الشباب هم بناة المستقبل ونواة المجتمع الأساسية، وهم سبب قوة المجتمع ونهضته، حيث يعدون عنصرًا أساسياً لتقدم الشعوب وتطورها، فالمجتمعات التي تمتلك نسبةً كبيرةً من هذه الفئة تعد من المجتمعات القوية.

فكرت كثيرًا وأنا أتناول أول قصة كفاح للشباب المصري، لم أجد سوى أن أبد بالمعلم عثمان أحمد عثمان، الرجل الذي بدأ عامل مصري بسيط لم يملك سوي حلمه، والذي قاده إلى أن يؤسس شركة من أكبر شركات المقاولات، ليس فقط في مصر ولكن في الشرق الأوسط وهي شركة المقاولون العرب.

الفكرة بدأت بحلم، وإذا وجد الحلم لأبد من وجود إصرار، ويسبقهم توفيق المولى عز وجل، هكذا بدأ عثمان أحمد عثمان.

في حارة عبد العزيز، شارع مكة، بالإسماعيلية، فى بيت من طابق واحد به حجرتين، واحدةً للخزين، والأخرى للنوم على حصير وركن للطيور، والسقف مكون من تعريشة.

ولد عثمان أحمد عثمان في السادس من إبريل1917، لأب يعمل بـ”البقالة”، لبيع المواد التموينية بالجملة، وكان الإبن الأصغر في هذة العائلة المكونة من ثلاثة أشقاء ذكور وإبنتين، ثم وفاة الأب وهو في الرابعة من عمره، فترك الأخ الأكبر التعليم وهو في المرحلة الإبتدائية للعمل ومساندة الأم في رحلة الكفاح ومواجهة الحياة.

عثمان أحمد عثمان، كان متفوقًا في دراسته، وبعد حصوله على البكالوريا بمجموع كبير قرر الإلتحاق بكلية الهندسة مثل أخيه الأكبر، وكان ذلك عام 1935، وقد إستطاع الحصول على “شهادة فقر”، لإعفائه من مصاريف الجامعة.

بالفعل تخرج عام 1940 وعمل مع خاله بالمقاولات، ومن هنا إكتسب الخبرة والمال الذي جعله ينفصل عن خاله ويعمل بمفرده.

في الحي الأفرنجي بالإسماعيلة، كانت أولى بداياته نحو القمه، حيث قام بإنشاء مكتب صغير للمقاولات، وكان هو العامل الأول فيها، وكان يعمل بيده مع العمال حتى أصبح لقب “المعلم عثمان”، هو لقبه المفضل، وبفضل العزيمة والإصرار تحول المكتب إلى شركة “المقاولون العرب”، ومن دراجة صغيرة إشتراها لكاتب حساباته إلى أسطول من السيارات والأوناش والاتوبيسات.

فيما بعد، ونتيجة للتوسع في عمله في تلك الفترة نقل نشاطه للقاهرة، وأصبحت للشركة فروع فيها، وكان أول تعامله مع المقاولات الكبرى عام 1947، من خلال إسناد شركة عبود باشا لشركته مهمة إنشاء سور لمصنع الأسمنت للشركة بالسويس.

في بداية الخمسينات، سافر المهندس عثمان أحمد عثمان، إلى السعودية واستطاع بكفاحة أن يقوم بمشروعات ضخمة هناك كما إستطاع أن يفتتح فروعًا لشركتة في العديد من الدول العربية الأخرى مثل “العراق، وليبيا، والكويت”.

ومن خلال شركته استطاع فتح سوقًا هناك للعمالة المصرية، وكانت لشركتة سمعةً كبيرة تفوق الشركات الأحنبية والتي إستطاع أن يحل محلها هناك.

الأعمال العظيمة لا يقوم بها إلا العظماء، ومن تلك الأعمال بناء السد العالي، والذي نفذته شركة المقاولون العرب، بقيادة عثمان أحمد عثمان، والذي رست على شركتة عملية بناء السد.

وفي هذا يقول في كتابة تجربتي: “لقد واجهت أكثر من خصم، وخضت أكثر من معركة على أكثر من جبهة في وقتً واحد، فوقف جميع مقاولي مصر ضدي، ووقفت في مواجهتهم بشركتي وحدها، وكسبت العطاء”.

كما قال أيضًا: “كان السد العالي ملحمةً طويلة وعريضة بطول وعرض وعمق الجبال والجرانيت التي هدمها المصريون، وأقاموا السد العالي الذي قدره الخبراء أن حجم العمل الذي أستوعبة الهرم الأكبر وأقاموا أكبر سد في العالم وقتها”.

هكذا أستطاع المعلم عثمان بخبرتة و كفاءتة ورجالة من أبناء مصر، برغم كل الصعاب التي وضعها الروس أن يبني السد العالي في عشر سنوات.

عثمان أحمد عثمان، هو قصة كفاح ونجاح لرجل عصامي بدأ من الصفر حتى الوصول إلى القمة، حيث أن مجلة “فوربس الأمريكية” كانت تصنفة من ضمن 400 شخصية ثرية على مستوى العالم في السبعينات.

من مقولاته: لا أنكر أنني أقمت العديد من الشركات الجديدة، بلغت حتى الآن 170 شركة، تساوي عندي 170 نجاحًا، ولكن الناس لا تصدق أن عثمان أحمد عثمان لايملك سهما واحدًا في أي من هذه الشركات.

لا أحب أبدًا المواقف المترددة، وأميل إلى الحسم السريع للأمور دون إغراق في التمحيص، والتدقيق والدراسة طريقتي في الإدارة، لا تكتب ولا تقرأ.. بل تمارس.

أختم مقالتي بمقولة عثمان أحمد عثمان الشهيرة والتي لأبد أن تكون دافع لنا شباب الجيل الحالي إنه ليس هناك على الأرض رجل أقوي من رجل عاش من أجل فكرة.

عزيزي القارئ الكريم، سنتاول في مقالنا الأسبوعي، نماذج مصرية مشرفة في مجالات مختلفة، وسنطلق مبادرات لتنمية ودعم الشباب، وذلك تحت عنوان ” أما بعد”.

رحلة الملاليم والملايين

بقلم| المهندس محمد نجيب الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى