مقالات وآراء

محمد نجيب الشافعي يكتب: “أما بعد”.. الابتكار والملياردير العصامي

الشباب هم بناة المستقبل ونواة المجتمع الأساسية، وهم سبب قوة المجتمع ونهضته، حيث يعدون عنصرًا أساسياً لتقدم الشعوب وتطورها، فالمجتمعات التي تمتلك نسبةً كبيرةً من هذه الفئة تعد من المجتمعات القوية.

الإبتكار هو المقدرة على تطوير فكرة أو عمل أو تصميم أو أسلوب أو أي شيء آخر وبطريقة أفضل وأيسر وأكثر، شخصيتنا اليوم وصف بأنه أحد وأهم رجال الاقتصاد والتجارة والصناعة في مصر والشرق الأوسط.

شهبندر التجار كما يطلق عليه أو الملياردير العصامي أو رجل الاربعون قرشاً، كلها مُسميات أطلقت على محمود العربي رئيس مجلس إدارة شركات العربي.

ولد محمود العربي في محافظة المنوفية بمصر عام 1932، وكان من أسرة فقيرة، حيث عمل والده مزارع بالأجرة ووالدتة تعمل في المنزل.

حفظ محمود العربي القرآن الكريم وهو في سن الثالثة من عمره، وبدأ رحلتة التجارية ببيع بعض المنتجات أمام منزلة حيث كان دخلة حوالي 40 قرش، ينفق منها 10 قروش، ويدخر 30 قرشاً، وكان مكسبة 15 قرشاً.

إنتقل محمود العربي بعد ذلك للعمل بمحل بحي الحسين، وكان راتبه 120 قرشاً في الشهر، وإستمر في هذا المحل حتى عام 1949م، ووصل راتبه إلى 320 قرشاً شهرياً، بعدها فضل العمل في محل جملة بدلًا من المحل القطاعي وذلك لتنمية خبرتة بالتجارة.

كان أول راتب يتقاضاة في المحل الجديد 4 جنيهات، وعمل فيه قرابة 15 عاماً، إرتفع خلالها راتبه إلى 27 جنيهًا، وكان مبلغًا كبيرًا آنذاك، حيث تمكن من توفير تكاليف الزواج، وفي عام 1963م.

سعى العربي للإستقلال بنفسه في التجارة لكن لم يكن لديه رأس المال اللازم لكي يبدأ به نشاطة ففكر هو وزميل له أن يتشاركا مع شخص ثري على أن تكون مساهمته هو وصاحبه بمجهودهما بينما يساهم الطرف الثاني بأمواله وكان رأس مال هذا المشروع 5 آلاف جنيه.

بالفعل عثرا على شريك ثالث وهكذا أصبح لـ”محمود العربي” وشريكه أول محل بمنطقة الموسكي بالقاهرة لبيع الأدوات المكتبية والذي مازال محتفظًا به حتى الآن.

بعد ذلك، حدث ما لم يكن في الحسبان حيث قررت الحكومة في منتصف الستينيات من القرن العشرين الماضي صرف المستلزمات المدرسية للتلاميذ بالمجان وهو ما يعني أن تجارة العربي لم يعد لها وجود فإستعاض عنها بتجارة الأجهزة الكهربائية خاصةً أجهزة التليفزيون والراديو والكاسيت.

حول العربي تجارتة بالكامل إلى الأجهزة الكهربائية في منتصف السبعينيات مع إنطلاق سياسة الإنفتاح الإقتصادي، وكان همه أن يفتح أكبر قدر من البيوت بزيادة عدد العاملين معه ولذلك فقد مد نشاطه إلى أماكن آخرى غير الموسكي ففتح فروعًا له في جزيرة بدران بشبرا، وفي مدينة بورسعيد التي أعلنت مدينة حرة بداية من منتصف السبعينيات.

فكر محمود العربي آنذاك في الحصول على توكيل لإحدى الشركات العالمية وبدأ يبحث عن وسيلة من أجل تحقيق هذا الهدف.

يشاء القدر أن يتعرف على أحد اليابانيين الدارسين بالجامعة الأميريكية بالقاهرة والذي كان دائم التردد على محلاتة وكان هذا الشخص الياباني يعمل لدى شركة توشيبا اليابانية، فكتب تقريرًا لشركته أكد فيه أن العربي هو أصلح من يمثل توشيبا في مصر فوافقت الشركة على منحة التوكيل وكان ذلك في عام 1975م.

في ذات العام زار العربي دولة اليابان ورأى مصانع الشركة العملاقة التي حصل على توكيلها وطلب من المسئولين فيها ضرورة إنشاء مصنع لتصنيع الأجهزة الكهربائية في مصر وهو ما تم فعلا.

كان لديه أرض في طريق مصر إسكندرية الزراعي قرب مدينة بنها زارها خبراء من اليابان وأقروا بصلاحيتها التامة لإنشاء هذا المصنع.

وبالفعل تم إنشاء أول مصنع للشركة في مصر وكان المكون المحلي من الإنتاج في البداية 40%، رفعت لاحقًا إلى 60%، ثم إلي 65%، حتى وصلت إلى 95%.

مع تطور الإنتاج أنشأ شركة توشيبا العربي عام 1978م، وبذلك تحول العربي من رجل تجارة لرجل صناعة.

والآن تعالوا بنا لنلقي نظرة على مجموعة العربي للتجارة والصناعة أو العربي جروب والتي تعد أكبر مجموعة في مصر والوطن العربي لصناعة الإلكترونيات والأجهزة المنزلية وتعمل في مجال تصنيع وتسويق الأجهزة الكهربائية المنزلية والإلكترونية على مستوى مصر والدول المجاورة.

أصبح رأسمالها اليوم يقارب المليار ونصف المليار جنيه وتوجد مصانعها في المنطقة الصناعية بقويسنا وهي شركة مساهمة مصرية عائلية تأسست عام 1964م على يد ثلاثة أشقاء هم محمود العربي ومحمد العربي وعبد المجيد العربي.

ساهم الشركاء الثلاثة بما يمتلكونة من قدرات وخبرات في تطوير وتنمية أعمال الشركة وعملوا معا في تكامل فريد ساعد على نجاح تلك الشركة التي كانت في البداية صغيرة وأخذت أعمال الشركة في النمو والتوسع بفضل جهود مؤسسيها وتفانيهم في العمل حتى إزدهرت ونمت وتحولت إلى أحد أكبر الشركات المصرية.

قوبل هذا النجاح بالإشادة والتقدير ليس فقط على المستوى المحلي بل الدولي أيضا، حيث تلقت المجموعة تقديرًا رفيعًا من دولة اليابان تمثل في تقليد إمبراطور اليابان وسام الشمس المشرقة في عام 2009م لمحمود العربي مؤسس المجموعة تقديرًا للدور البارز الذي ساهم به من خلال ترأسه لمجموعة شركات العربي في تطوير العلاقات التجارية بين مصر واليابان على مدار أربعة عقود.

يقول محمود العربي: “الإنسان هو من يصنع الحظ، وأن الإتقان والإخلاص والالتزام أهم أسباب النجاح في العمل”، والتي لأبد أن نتخذها في حياتنا اليومية، إن تعب الانسان واخلاصه سيؤدي إلى تحقيق حلمه.

عزيزي القارئ الكريم، سنتاول في مقالنا الأسبوعي نماذج مصرية مشرفة في مجالات مختلفة، وسنطلق مبادرات لتنمية ودعم الشباب، وذلك تحت عنوان ” أما بعد”.

الابتكار والملياردير العصامي

بقلم| المهندس محمد نجيب الشافعي

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *