أحداث وأخبار

ننشر نص كلمة مصر خلال الدورة الـ66 لمؤتمر الوكالة الدولية للطاقة الذرية

ألقى الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، اليوم، كلمة مصر أمام الدورة الـ66 لمؤتمر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، وجاء نص الكلمة كالتالي..

السيدات والسادة، أود بداية أن أتوجه بالتهنئة للسيد السفير “اليساندرو كورتيزي” المندوب الدائم لجمهورية إيطاليا لانتخابه رئيساً للدورة السادسة والستين للمؤتمر العام، متمنياً له التوفيق والسداد، ومؤكداً دعم مصر الكامل لإنجاح أعمال المؤتمر.

السيد الرئيس، تجتمع الدول الأعضاء سنوياً بالمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية للتأكيد على الحق الأصيل وغير القابل للتصرف لكافة الدول في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.

وفي القيام بأنشطة البحث والتطوير والتعاون لتعزيز استفادتها من تلك الاستخدامات بمختلف مجالاتها وتطبيقاتها التكنولوجية وبما يساعد على خدمة مصالحها التنموية.

وتدعم مصر من هذا المنطلق الدور الذي تلعبه الوكالة في نشر تلك الاستخدامات باعتباره الركيزة الأساسية لعمل الوكالة والسبب الرئيسي وراء إنشاءها عام 1957 وفقا لما تنص عليه المادة الأولى من نظامها الأساسي.

ولا يفوتني في هذا السياق إلا ان أشيد بجهود مديرها العام السيد رفائيل جروسي والسكرتارية في إدراج الطاقة النووية وتطبيقاتها المختلفة كمكون هام في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

ومنها على سبيل المثال في مكافحة ظاهرة تغير المناخ والتكيف معها، وهو الأمر الذي ظهر جلياً في الاهتمام الشخصي الذي يبديه السيد جروسي للمشاركة في قمم تغير المناخ المختلفة منذ توليه مهام منصبه، وتتطلع مصر لمشاركته في القمة المقبلة في شرم الشيخ لاستعراض الدور المتزايد الذي يمكن أن تلعبه الطاقة النووية في هذا المضمار.

السيد الرئيس، لقد شهد العقد الماضي قفزات نوعية هامة وتطورا هائلا في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.

إلا أن العديد من الدول لم تستفد من ثمار هذا التقدم حتى الآن، وهو ما ترى مصر أنه يعود لسببين رئيسيين، الأول خاص بالقيود غير المبررة المفروضة على تصدير التكنولوجيا النووية وبما يتجاوز الأحكام المتفق عليها بمعاهدة منع الانتشار.

والثاني يعود لضعف التمويل المالي المُتاح لدعم الاستخدامات السلمية وعدم وجود رغبة واضحة لدى العديد من مؤسسات التمويل وصناديق التنمية الدولية والإقليمية في الاستثمار في قطاع الطاقة النووية، ولعل ما يفاقم من الأمر هو محدودية الموارد المتاحة لصندوق التعاون الفني التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

فبالرغم من كون هذا الصندوق الأداة الرئيسية التي تقدم من خلالها الوكالة مساعدتها لأكثر من مائة وأربعين دولة عضو إلا أن واقع الحال يشير إلى أن موازنة هذا الصندوق لم تتجاوز حاجز المائة مليون يورو سنوياً، وهو رقم معبر في ضآلته ومحدوديته عن حجم المشكلة.

إن هناك حاجة ماسة للنظر في إيجاد حل لتلك المشكلة من اجل مواكبة الطموحات المتزايدة للعديد من الدول في تعظيم استفادتها من الأوجه المختلفة للتكنولوجيا النووية السلمية، والعمل على كفاية الموارد المتاحة لهذا الغرض بشكل قابل للاستدامة ويمكن التنبؤ به.

وفي إطار من الشراكة بين الدول المانحة والمتلقية وبعيداً عن أي مشروطية، وبما يسمح بتنفيذ أنشطة ومبادرات الوكالة المختلفة ومن بينها مبادرة “إشعاع الأمل” التي تشجعها مصر وتحرص على المساهمة فيها دعما لجهود التنمية في قارتنا الأفريقية.

السيد الرئيس، تؤكد مصر على أهمية الحفاظ على نظام الضمانات الشاملة وتدعم جهود الوكالة في تعزيز فعالية وكفاءة هذا النظام في إطار من الموضوعية والحيادية وعدم التمييز بين الدول، ومن خلال الاعتماد على المعايير الفنية البحتة دون أي تسييس أو التفاف على التزامات الدول القانونية.

وتشدد مصر، في هذا السياق، على الطبيعة الطوعية للبروتوكول الإضافي كأداة مكملة لاتفاقيات الضمانات الشاملة.

وترى أن محاولة تحميل الدول غير النووية الأطراف في معاهدة منع الانتشار المزيد من الالتزامات القانونية والقيود كشرط مسبق للاستفادة من بعض أوجه الاستخدامات السلمية.

لن يؤدى سوى إلى ترسيخ الخلل القائم في منظومة منع الانتشار، ولن يساعد على الوصول للهدف المنشود بتعزيز فعالية نظام الضمانات، وهو الهدف الذي لن يتأتى دون العمل بنية صادقة من أجل تحقيق عالمية اتفاقية الضمانات الشاملة.

وبناء عليه تدعو مصر المدير العام إلى إيلاء أولوية متقدمة لهذا الموضوع تنفيذاَ لقراري المؤتمر العام للوكالة لتعزيز فعالية وكفاءة الضمانات ولتطبيق الضمانات في منطقة الشرق الأوسط

السيد الرئيس، واستمراراً لجهود إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، ستطرح مصر مجدداً هذا العام مشروع قرار حول تطبيق ضمانات الوكالة في الشرق الأوسط دعماً للجهود المبذولة لتحقيق عالمية نظام الضمانات الشاملة كخطوة أساسية لإنشاء المنطقة.

وتتطلع مصر لقيام مدير عام الوكالة بطرح رؤية جديدة تساعد على تحقيق تقدم في تنفيذ هذا القرار بما يراعي المستجدات الإقليمية والدولية الحالية.

وفي هذا السياق، ترحب مصر بانعقاد الدورتين الأولى والثانية من مؤتمر الأمم المتحدة لإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط وتتطلع لعقد الدورة الثالثة خلال شهر نوفمبر المقبل تحت رئاسة لبنان الشقيق.

فلقد اكتسب هذا المؤتمر زخما متزايداً كمسار تفاوضي هام لتنفيذ قرار مؤتمر مراجعة وتمديد معاهدة منع الانتشار لعام 1995 ومخرجات مؤتمر المراجعة لعام 2010، خاصة وأنه لا يهدف لعزل أي من دول المنطقة.

وإنما هو محاولة صادقة لبلورة معاهدة لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل تلبي شواغل الجميع وتستند إلى مبدأ توافق الآراء.

وفيما يتعلق بالأمن النووي، تؤكد مصر على الاهتمام الكبير الذي توليه للارتقاء بهذا المجال وتحرص على تعزيز التعاون مع الوكالة والدول المانحة في مختلف أنشطة الحماية المادية لمنشآتها النووية إيمانا منها بأهمية هذا التعاون وما يقدمه من قيمة مضافة للجميع.

وذلك مع التنويه لأهمية المبدأ الراسخ بأن مسئولية الأمن النووي هي مسئولية وطنية تقع بشكل كلي على عاتق الدولة المعنية، كما أنه لا يجب توظيفه كآلية للتأثير على حق الدول الأصيل في مجال الاستخدامات السلمية.

وأود التنويه أيضاً لأهمية تمويل المشروعات المتعلقة بالأمن النووي من خلال المصادر الطوعية، خاصة وأنه لا يستقيم تمويل تلك المشروعات من الميزانية العادية الوكالة في الوقت الذي يتم فيه تمويل أحد أهم الأنشطة الرئيسية للوكالة والمتمثلة في أنشطة التعاون الفني من خارجها.

السيد الرئيس، يمضى البرنامج النووي المصري السلمي بخطى متقدمة وواثقة، وفي القلب منه مشروع إنشاء محطة الطاقة النووية بالضبعة.

الذي يشتمل على تشييد أربع وحدات نووية، بهدف خدمة احتياجاتنا التنموية وفقا لرؤية مصر 2030، ويمثل مشروع الضبعة مصدر فخر واعتزاز لنا جميعا وانجازاً هاماً للجمهورية الجديدة في مصر.

وقد شهد شهر يوليو الماضي نقلة هامة في مسار تنفيذ هذا المشروع الضخم والطموح بعد الحصول على إذن إنشاء الوحدة النووية الأولى بالمحطة وبدء أعمال الصبة الخرسانية الأولى.

وهي خطوة محورية وذات دلالة هامة إذ تعبر عن الانتقال من مرحلة الأعمال التمهيدية والتحضيرية للمشروع إلى مرحلة البدء الحقيقي في أعمال الإنشاءات، وتنقل مصر إلى مصاف الدول التي لديها محطات نووية تحت الإنشاء.

وأود أن انتهز هذه المناسبة سيدي الرئيس لأوكد حرص مصر على تنفيذ هذا المشروع وفقا لأعلى معايير الأمن والسلامة النووية وفي إطار التزامات مصر القانونية.

وختاماً، أود أن أعرب عن خالص تقدير مصر للجهود التي يقوم بها السيد رفائيل جروسي مدير عام الوكالة والسكرتارية من أجل خدمة الدول الأعضاء وتعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وأجدد التهنئة لكم سيادة الرئيس، على رئاستكم للمؤتمر العام.

فيينا| دعاء أبو سعدة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى