مقالات وآراء

طالبة الدقهلية ونموذج عنف موجه ضد المرأة في قضايا الشرف

تعتبر قضية إيمان التي شغلت الرأي العام الفترة الماضية والتي قتلها زوجها نتيجة رفض أهله الطلاق ورغبته في طلاقها دون أن تحصل على حقوقها المادية نموذجًا صارخًا لجرائم الشرف، حيث لنا أن نتصور ما السيناريو الذي كان يمكن أن يحدث لو مازالت إيمان على قيد الحياة.

بدلا من أن تكون إيمان ضحية لجريمة بشعة وهي تخطيط زوجها لإغتصابها من قبل آخر، فقد تكون هي الملامة وذلك نتيجة للخطأ في التربية المجتمعية التي تلوم الضحية بدلا من الجاني وذلك ما انعكست عليه التعليقات التي نادت بأنها ماتت شريفة وأن ماحدث كان بعد وفاتها وليس قبله وكأنه لو تم اغتصابها فإن ذلك يضعها في جرم الملامة على هذا الفعل الشائن وليس الجاني.

ويرجع تحليل ذلك إلى ما تم توارثه منذ قديم الزمان أن النساء هم مسئولية الرجل، وأن الحفاظ عليهم وحمايتهم هو من صميم شرفه، ولذلك عندما كانت تغير القبائل على بعضها فأن ما يعتبر مسبة لشرف الرجل هو أن يتم سبي نساء قبيلته ولذلك ظهرت ظاهرة وأد البنات وذلك للتخلص من هذا العبء النفسي الجسيم والتخلص من الشعور بالعار نتيجة لتقصير الرجل في حماية نسائه.

ومع تطور المجتمعات وبدلا من أن يكون حربا بين الرجال، ولأن المرأة هي الحلقة الأضعف في هذه السلسلة فبدلا من أن يوجه إلى رجل آخر اعتدى على نسائه إلا أنه يوجه هذا العنف إلى المرأة، فالمغتصبة هي الجانية، والمتحرش بها هي السبب.

هكذا يتم تعليق ضعف الرجل وعدم قدرته على مواجهة عدوان رجل آخر لتوجيهه ضد المرأة، وتنطلق عبارات (هي السبب .. اللي وداها هناك.. معرفتش تحافظ على نفسها.. اكيد برضه كانت متفقة معاه أو هو شاف عليها حاجة).

وتأتي هذه الحادثة التي تضرب كل الأصنام الاجتماعية في مقتل، فالضحية لم تتحرك من منزلها، وزوجها هو الذي قام بجلب الجاني والاتفاق معه، وتماشيا مع مبدأ أن العار هو من سيلحق بزوجته وذلك كان متماشيا مع تصريحاته: (انا مكنتش عايز اقتلها.. انا كنت عايز اكسر عينيها بس.. انا كنت عايز يغتصبها بس).

وكأن العار هو من سيلاحقها فقط، وكحيلة شيطانية فمن سيلحقها العار لا يحق لها أن تطالب بحقوقها المادية، فبدلا من أن تخرج من تجربة الزواج بطفل رضيع يعتبر تربيته وهي ما زالت طالبة وقليل من الأموال هي من صميم حقوقها المادية، تخرج وهو يلاحقها العار والفضيحة، والتي في بعض الأحيان قد تتخذ حيلة نفسية للتخلص من هذا العار بقرار إنهاء حياتها في نوبة من نوبات الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة أو قد يتطوع أحد من عائلتها باتخاذ نفس القرار. وذلك ليتم وسمه بأنه منقذ شرف العائلة وحامي حمى الشرف الذي لا يقع إلا على المرأة.

عندما يكون قتل إيمان بهذه الطريقة هزة اجتماعية تجعلنا نعيد النظر في ثوابتنا الاجتماعية بدلا من المطالبة بالقصاص من الجاني وتظل تتكرر إيمان مرة أخرى في كل بيت يريد زوج فيه التملص من واجباته ولكن أن يكون حذرا هذه المرة فبدلا من قتلها يتم اغتصابها فقط.

راجعوا الثوابت الاجتماعية الظالمة للمرأة، فالجريمة جريمة، والضحية لن تكون جاني في عصر تنهزم فيه الرجولة الحقيقية أمام ميكافيلية خبيثة تبرر الجرائم.

بقلم| غادة الرميلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى