منارة الإسلام

سيرة أبو بكر الصديق من عظماء التاريخ الإسلامي.. تعرف عليها

لو كان القلم معبرًا عن شرف الكتابة عن أوفى وأفضل وأعظم الأصدقاء في التاريخ الذي ذكر في القرآن الكريم، لما أكتفى حبرًا ليخرج كل ما في القلب من كلمات، أن الحديث كثير جدًا عن سيرة أبو بكر الصديق الصدوق الذي عاش ومات في كنف النبي محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم، فتعالوا نتعرف سيرته العطرة.

من هو أبو بكر الصديق

هو عبد الله بن أبي قحافة التيمي القرشي، وهو أقرب صديق للرسول صلى الله عليه وسلم، وأحب الناس إليه بعد السيدة عائشة، وأول الخلفاء الراشدين.

لقب النبي أبو بكر الصديق بالصديق لأنه كان يصدقه في كل ما يقول، ودخل الإسلام دون تردد عندما حدثه عنه النبي، فكان أول المسلمين من الرجال.

هاجر الصديق مع الرسول من مكة إلى المدينة، واختاراه الرسول ليؤم الناس في الصلاة بعد وفاته.

ولد أبو بكر الصديق في مكة عام 573م، بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر.

تابع منارة الإسلام لتتعرف على كل جديد

سيرة أبو بكر الصديق

قد يتسائل البعض كيف كانت حياة أبو بكر الصديق قبل الإسلام، وهل كان يتبع منوال المشركين في مكة؟ ولهذا سنتناول سيرته قبل وبعد الإسلام.

ولد أبو بكر ونشأ في مكة، وكان من قادة قريش وأعلاها نسبا في الجاهلية، ومصدقا لديهم في كل ما يفعل ويقول.

لم تختلف صفات أبو بكر في الجاهلية عن الإسلام كثيرًا، فقد كان رفيع الخلق، عالما بالأنساب، ومن أخيار العرب، ومحبوبًا بينهم.

ومن سيرة أبو بكر الصديق أنه ذو خلق الرفيع، لم يكن يعيب الأنساب، وأعلم أهل قريش بها وبما فيها من خير وشر، وذو سمعة طيبة.

كان أبو بكر يعمل تاجرًا، ومعروفا بكرمه وسخاءه، وقيل عنه أنه لم يكن يشرب الخمر في الجاهلية، فقد حرمها على نفسه قبل الإسلام.

كم قيل أيضا، أن أبو بكر الصديق لم يسجد لصنم قط، وكل هذه الصفات كانت سببا كبيرًا في أن تجمع الصديق بالصادق الأمين.

دخول أبو بكر الصديق الإسلام

لم يتردد قط أبو بكر في دخول الإسلام، وما أن عرض الرسول “صلى الله عليه وسلم” عليه الأمر، صدقه وأسلم على الفور.

لم يكن دخول أبو بكر الصديق الإسلام شيئًا غريبًا، وأنما كان عقله دائم البحث والتأمل عن الدين الذي يراه الحق حتى أغنى الله الإسلام به.

وكان الخليل أبو بكر الصديق يعرف النبي محمداً معرفة عميقة في الجاهلية، وكانت الصلة بينهما قوية، وزادت بإسلامه وتصديقه النبي في كل شيء.

ومن سيرة أبو بكر الصديق أن الله جعل على يديه خيرًا كثيرًا وسببًا في دخول الكثير للإسلام، فأسلم على يديه: الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف.

كان أبو بكر سابقًا في الكثير، فقد كان أول خطيب في الإسلام، وعندما تضاعف أذى المشركين للرسول محمد وأصحابه مع توسع الدعوة الإسلامية في مكة، وخاصة في معاملة الضعفاء ومنهم بلال بن رباح.

تعرض بلال لعذاب عظيم، ولم يكن له أهل أو أحد يقف بجواره، فعندما علم سيده أمية بن خلف بأنه أسلم، عذبه عذابًا شديدًا.

وعندما علم أبو بكر الصديق بذلك، ذهب إليه، وتفاهم مع أمية بن خلف وقال له: «ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ حتى متى؟» قال: «أنت أفسدته فأنقذه مما ترى».

فقال أبو بكر: أفعل، عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى على دينك، أعطيكه به»، قال: «قد قبلت»، فقال: «هو لك»، فأعطاه أبو بكر غلامه ذلك وأخذه فأعتقه، وفي رواية أخرى: اشتراه بسبع أواق أو بأربعين أوقية ذهباً.

لم يقتصر على هذا الموقف فقط، بل استمر في شراء العبيد والإماء والمملوكين من المسلمين والمسلمات وعتقهم، بذل ماله في عتق المسلمين ولم يتردد.

هجرة أبو بكر الصديق مع الرسول

عندما اشتد البلاء على المسلمين من تعذيب لكل من دخل منهم الإسلام، وذلك بعد بيعة العقبة الثانية، أذن الرسول لأصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة.

فخرج المسلمين خفية، ونزلوا على الأنصار في بيوتهم فآووهم ونصروهم، وأقام النبي محمد بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يُؤذن الله له في الهجرة.

ولم يبق بمكة إلا من حبسه الكفار، وعلي بن أبي طالب وأبو بكر، وكان أبو بكر كثيراً ما يلح على النبي محمداً في الهجرة، فيقول النبي له: «لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحباً».

وعندما علمت قريش بأمر الهجرة، اجتمعوا في دار الندوة ليقرروا ماذا يفعلون مع النبي وأعوانه، فاتفقوا أن يأخذوا من كل قبيلة فتى شاباً ليضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه، لكن الله عز وجل نصر نبيه.

وكانت هجرة الرسول مع صحبة أبو بكر الصديق، وكان الخليل اشترى راحلتين، وظل في داره يعلفهما إعداداً لرحله الهجرة.

وفي ليلة الهجرة، أتى رسول الله في ساعة كان لا يأتي فيها بيت أبو بكر، فلما رآه الخليل قال: «ما جاء رسولُ الله في هذه الساعة إلا لأمر حدث».

فسأل الرسول أبو بكر وقال له: من عندك، قال: «يا رسول الله إنما هما ابنتاي، وما ذاك فداك أبي وأمي؟»، قال: «إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة»، فقال أبو بكر: «الصحبة يا رسول الله؟».

وبكي أبو بكر الصديق من شدة الفرح، ثم قال: «يا نبي الله، إن هاتين راحلتين كنت أعددتهما لهذا».

فلما أهم النبي الخروج أتى أبو بكر، فخرجا من مخرج لأبي بكر في ظهر بيته، ثم توجها إلى غار بثور، فدخلاه، وأمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يتسمع لهما ما يقول الناس عنهما، ثم يأتيهما بالخبر في المساء.

وأمر مولاه عامر بن فهيرة أن يرعى غنمه نهاره، ثم يأتيهما إذا أمسى في الغار، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام في المساء.

وبدأ المشركون بتتبع أثر النبي، وكان تدبير الله ألطف وأكرم على النبي وصاحبه، وحفظهما الله من المشركين.

من سيرة أبو بكر الصديق – جهاده

شارك أبو بكر الرسول في كل الغزوات، وكان الناصر الأمين للرسول والإسلام، فشارك في غزوة بدر وأحد وبني النضير وخيبر وغزوة الخندق وبني قريظه وصلح الحديبة سنه 6 هجرية.

كما شهد سرية نجد، وكان الأمير على المسلمين فيها، وكان الأمير على المسلمين في غزوة بني فزارة أيضاً، وشاررك النبي في عمرة القضاء سنة 7هـ، كما شارك فى سرية ذات السلاسل سنة 8هـ.

من أجمل المواقف لأبي بكر لنصره الرسول، أنه عندما نقضت قريش صلح الحديبية، خرج أبو سفيان بن حرب من مكة إلى الرسول محمد فقال: «يا محمد، اشدد العقد، وزدنا في المدة».

فقال النبي محمد: «ولذلك قدمت؟ هل كان من حدث قبلكم؟»، فقال: «معاذ الله، نحن على عهدنا وصلحنا يوم الدية لا نغيّر ولا نبدّل».

فخرج من عند النبي يقصد مقابلة الصحابة، فطلب من أبو بكر أن يجدد العقد ويزيدهم في المدة، فقال أبو بكر: «جواري في جوار رسول الله، والله لو وجدت الذر تقاتلكم لأعنتها عليكم».

وعندما دخل النبي مكة في عام الفتح سنة 8هـ، كان أبو بكر بجانبه، كما شهد أبو بكر غزوة حنين وتبوك، ولما اختار الرسول الأمراء والقادة أعطى لواءه الأعظم لأبي بكر.

كان أبو بكر ملازما للرسول فى مرضه حتى وفاته، وبكى بكاءً شديدًا عند مرضه، فقال رسول الله: «إن من أَمَنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متّخذاً خليلاً غير ربي لاتّخذت أبا بكر، ولكن أخوّة الإسلام ومودّته، لا يبقين في المسجد باب إلا سدّ إلا باب أبي بكر».

ولما توفي الرسول جاء أبو بكر مسرعاً فكشف عن وجهه وقبله، وقال «بأبي أنت وأمي، طبت حياً وميتاً»، ثم خرج وخطب بالناس.

خلافة أبو بكر الصديق

بعد وفاه النبي، اختار المسلمون أبو بكر كخليفة لهم، وبدأ يأخذ طريق النبي في الخلافة فكان حاكما عادلا وقياديا لكل شئون المسلمين، وبدأ بتعين الولاة ومراعاة شئون المسلمين.

تصدى الصديق للمرتدين عن الإسلام بعد وفاة النبي، حتى أصبحت الجزيرة العربية كلها تحت ولاية الإسلام كما كانت في عهد النبي.

توفي أبو بكر يوم الإثنين 22 جماد الآخر عام 13هـ، وكان عمره 63 سنة، ودفن بالبقيع بجوار النبي فلم يترك صديقه حيا أو ميتا.

في الختام: يقول الشاعر: لا خير فى الدنيا أن لم يكن بها صديقا صدوقا صادق الوعد منصفا.

كتبه| دكتورة لميس جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى