مقالات وآراء

القويسني يكتب: المرأة للرجل إما زوجة له وإما إحدى محارمه

بالأمس القريب وقعت جريمة هزت أركان المجتمع كله، يشيب من هولها الولدان، جريمة قتل إحدى الطالبات.

واليوم يتكرر نفس المشهد، لتخبرنا هذه الأحداث أننا أمام أزمة مجتمعية أخلاقية يجب التصدي إليها بكل حزم وصرامة.

أصبحنا نسمع ونرى أبشع الجرائم التي كانت غريبة عن مجتمعنا، ماكنا نسمع عنها إلا في الروايات الخيالية والقصص البوليسية، أو نشاهد الآن في مشهد درامي على شاشات التليفزيون.

كنا في الماضي نستنكر هذه الوقائع، رغم أنها ليست واقعية، والسبب في ذلك هو البعد عن التعاليم السامية الربانية التي ما أنزلها ربنا على لسان أنبيائه ورسله إلا لسعادة الناس.

ابتعدنا عن الدين، وعن منهج ربنا، قل الإيمان في قلوبنا، ونزعة الرحمة من قلوبنا، وصدق الله فيما قال: “فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى”.

ما هو المبرر الذي يصل بالشاب لآن ينتهك تلك الحرمة التي حرمها الله “قتل النفس”، جريمة تهتز لها السماوات والأرض، قال الصادق رسول الله “صلي الله عليه وسلم”: “لزوال الدنيا أهون علي الله من قتل مؤمن بغير حق”.

إنها النفس المعصومة قال “صلي الله عليه وسلم”: “لن يزال المؤمن في فسحة من دينه مالم يصب دما حراما”، لما نقص الإيمان في القلوب سمعنا بقضايا القتل والاعتداء على الأرواح المعصومة.

إن المصطفى صح عنه “لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة”.

ولكن يوم ضعف التوحيد أخذ ذاك الخنجر أو السكين، أو المسدس، واعتدى على أخيه المسلم أو المسلمة فقتله أو قتلها، تأملوا قول الله “وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا”.

روى في الأثر “لو اجتمع أهل الأرض وأهل السماء على قتل امرئ مسلم بغير حق كبهم الله جميعا على وجوههم في النار”.

وفي الأثر “ما من جريمة إلا وتهون بعد الشرك إلا قتل النفس المعصومة، لزوال الدنيا بأسرها أهون عند الله عز وجل من قتل امرئ مسلم”.

ومن العجيب أنه لما قتل أحد ابناء سيدنا آدم اخاه ماجف الدم من ذاك الوقت إلى اليوم، فا الدم المعصوم ودم المسلم لا يجف من الأرض.

جاء رجل عند بن عمر يبكي ويقول دلني على الجنة قال: “إن استطعت ألا تجعل بينك وبين الجنة حفنة دم فافعل”، إنها جريمة تستوجب غضب ولعنة الله.

والسبب في ذلك ايضا، فيما وصلنا إليه من تدنى أخلاق البعض في المجتمع، إن مجتمعنا أصبح يعيش حالة غير مسبوقة من الاختلاط والانفتاح بين الجنسين في الجامعات والمدارس والمتاجر والنوادي الاجتماعية ووسال المواصلات وغيرها.

إن الدعوة إلى ضبط علاقة الرجل بالمرأة، أو الشاب بالفتاة، بآداب الإسلام وأخلاقياته الرفيعة، ليست دعوة رجعية كما يصورها البعض، بل هي دعوة حضارية وأخلاقية، هدفها الارتقاء السلوكي وحماية المجتمع من التجاوزات الأخلاقية.

حرم الإسلام الخلوة بالمرأة الأجنبية عنه في مكان واحد وليس معهما محرم، وقد قال رسول الله “صلي الله عليه وسلم”: “لا يخلون رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما”.

وحذر النبي المصطفى من الدخول على النساء “إياكم والدخول على النساء، قالو يارسول الله أرايت الحمو؟ قال الحمو الموت”.

وحرم الاسلام اتخاذ الأخدان أي الأصدقاء والصديقات على كل من الرجال والنساء فقال في خصوص النساء: “مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ”.

وقال فيما يخص الرجال “مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ”، واتخاذ الأخدان محرم سواء كان على الهاتف أو الدردشة في الإنترنت أو اللقاء المباشر، وغيرها من وسائل الاتصال المحرمة بين الشاب والفتاة.

فلا يوجد في الإسلام علاقة تسمى الصداقة بين الشاب والفتاة، فالمرأة للرجل إما زوجة له، وإما إحدى محارمه، أو زميلة عمل أو دراسة، تفرض الظروف اجتماعهما في مكان واحد، وفي هذه الظروف وهذه الحالة لابد من الانضباط بضوابط الشرع.

بقلم الداعية| الشيخ محمد القويسني
إمام وخطيب بالأوقاف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى