مقالات وآراء

إتق شر الحليم إذا غضب

أُحادث نفسي كثيرًا مخاطبة إياها بإستغراب لماذا كل هذا التغيير الجذري الذي يحدث في بعض علاقات الحب بعد غلق باب عش الزوجية على قصة الحب هذه التي دامت لسنين طويلة تحت مسمى “فترة الخطوبة”.

تعد الخطوبة المرحلة الأكثر أهمية لما يحدث فيها من مواقف كثيرة مليئة بوابل من المشاعر والأحاسيس المختلفة نتاج التعب والمشقة التي يبذلها كلا الطرفين سعيا لوضع هذه العلاقة في إطار مجراها الطبيعي، متوسلين من الله في لم الشمل سريعا وغلق باب عش الزوجية للإرتياح من كل هذا العناء.

وكأنها “طريقة السم في العسل” لإيقاع فريسته بعد حب دام سنين، أو فترة خطوبة جيدة لزواج تقليدي، تبدأ برسم الأحلام الوردية والقصور العاجية والتأكيد على إستمرار هذا الحب حتى آخر العمر، حينها تحلق وتطير هذه العصفورة في سماء خيالها إلى البعيد بكل ما داخلها من سعادة.

لكن هيهات، فبمجرد إنتهاء ما يسمى بـ “شهر العسل” سريعا ما يجف معه هذا الحب وكأن القلب توقف فجأة عن ضخ هذا الحب في الشرايين، حينها يبدأ الرجل في التكشير عن أنيابه مستخدما دوافع النقص والعقد المترسخة داخل أفكاره المعتمة تحت مسمى الغيرة والخوف على حبيبته من المجتمع القاسي، محاولة منه في إثبات رجولته معتقدا أن تلك هي الطريقة الصحيحة لإستكمال هذه العلاقة.

سرعان ما يتبدل الحال بعد ثقة هذا الحبيب في إمتلاك حبيبته تحت سقف واحد لعش مغلق بمفتاح واحد يمتلكه هو، حينها تقع هذه العصفورة لترتطم بالواقع المرير الذي يملأه الألم والخيبة والحسرة على كل ما مضى من وقت ضائع في علاقة حب واهيه، لتجد من الرجل الأوحد الذي اختارته ليصبح شريكها وسندها وتكمل معه ماتبقى لها في حياتها في حب وسعادة وحش يتغذى على حبها.

ومن هنا يتنهى هذا الحب ويحل مكانه العنف والإيذاء بجميع أشكاله، حيث يتفنن الرجل ذات هذه الصفات في ممارسة جميع أنواع العنف على فريسته، سواء كان عنف جسدي بضربه لها يوميا بطرق وحشية على أتفه الأسباب مستغل بذلك حبها له وأنه بمجرد قول كلمتين غزل أخر اليوم سينتهي الأمر.

أوعنف وإيذاء نفسي عن طريق التلفظ بألفاظ مشينة وإسماعها وابل من الألفاظ الجارحة ومحاولة التقليل منها دائما سواء بينهم أو أمام الناس دون مراعاة لمشاعرها وشكلها، إعتقادا منه في أنه دائما الرجل الخارق ذو النظرة الصحيحة الثاقبة ولا صوت يعلو فوق صوته، مستغل في ذلك سكوتها الذي يفسره على أنه ضعف منها.

غلطان أيها القاسي فهذا السكوت دليل منها على خوفها من الله وتربيتها الصحيحة وأحترامها لك وألتماس العذر لك لما تواجهه من صعوبات في الخارج، وليس لأنه ضعف منها، فهي قادرة على رد كل هذه الإهانات بنفس المقدار أو أكثر، ولكنها تحكم قلبها الذي مازال ينبض بحبك قبل عقلها، ولكن إحذر أيها من إنتهاء هذا الدافع الشافع لك عندها فكثرة القسوة والجفاء يميتون القلب خطوة بخطوة، فهناك حكمة تقول “إتق شر الحليم إذا غضب”.

فقد وضع الله شرط أساس الزواج وهو المودة والرحمة والمعاملة الحسنة بالمعروف، حتى وإن أخطأت في موقف ما، فهناك طرق أخرى كثيرة لتقويم هذا الخطأ بالحسنى، فهي تنتظر دائما منك عند إخفاقها أحتواءك لها وإحتضانها والتخفيف عنها فأنت ملجأها الوحيد، بدلا من نهرها وتعنيفها التي لا جدوى منهم إلا خسرانك لها وإماتت قلبها حينها لن ينفعك ندمك على فقدانك إمرأه تعشقك حتى الجنون.

فلماذا لا يتخذ هؤلاء الرجال رسولنا الكريم أسوه لك في معاملته لزوجاته مثلما ينظرون لحرية تعدد الزوجات فقط، حينها لن نجد العنف الأسرى الذي أصبح من روتينيات الحياة وكأنه بات عادة يومية لا نستطيع العيش بدونها ، فـ “رفقا بالقوارير” أيها المتجبر تهنأ حياتك فلا هناك شىء يستحق كل هذه القسوة.


إتق شر الحليم إذا غضب

بقلم| جهاد رمزي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى