مقالات وآراء

كوني شيئًا مذكورا

طوال سنوات من الحياة، تعلمت من خلال تجارب النساء، أنّ السعادة المستقرة والوجود العميق هما وطن المرأة، ونحن نعيش عصرًا حلّت فيه السيكولوجية الإنتحارية محل الاستقرار الداخلي، وتخلّت الماهية عن مكانها إلى جميع المظاهر السطحية، ولهذا السبب فإنّ ظمأ المرأة الحالية إلى الاطمئنان، ظمأ واسع الأرجاء.

وتبحث المرأة عبر جميع مراحل عمرها، عن جواب لواقعها، فلقد كانت مخدوعةٍ في جميع العصور، وما زالت مسحوقة ومضطهدة، ورغم ذلك ترضى وتقبل من أجل الحياة والاستقرار، فهى تشعر دائمًا بالإثم والاضطهاد في كل حركةٍ لها، فـ عما تبحثين عزيزتي؟!

إنّها تبحث عن الخروج من عدم الآمان الوجداني-ولكن من يخرجها منه؟، أولئك الذين سيقولون لها، لماذا أنتِ منبوذة ومهمله، ومقهورة، و لماذا يخدعك الرجال؟، فـ هل أنتِ على غير علم منه، لأنُّه يعاني حصرًا أبديًا تدفع المرأة تكاليفه.

لحظة من فضلك، هنا أتوقف معكِ للحظات قليلة،لأصرخ بكلماتي من أجلك.. إنّ كل امرأة تخدع نفسها و تجعل منها ضلع الضعف اللإرادي في هذا الحصر المذكر، وإذ تحول استطاعة الأنوثة غالبًا إلى سحر هزيل خالِ من الإبداع والتفرد، فعلى كل امرأة أنّ تعلم أنها أقل مما تعتقد بكثير من حرمان المميزات، بل إنّها لسيت بصورةٍ أساسية، محرومة على الإطلاق، وبناءً على ذلك عليها أنّ تدرك أن غالبية الانتفاضات الراهنة تكشّف أنّها تنذرها بالخطر، وأنّ المرأة على وشك أنّ تفقد معناها.

هل هناك ثمة حل لتيهان المرأة الأبدي؟.. لا أعلم، فالهيجانات الراهنة لا تأخذ بالحسبان غير الصعوبات السطحية، مهما كانت ذات شأن، ولكن جذور الخصومة بين الجنسين، لم تكن قد مُست قط، ولهذا السبب صممت على أنّ أبحث معكم ماهية تلك المرأة، إذ من مأساتها أكتفّت على أنّ تكون خادمة الحياة، لكي تصبح عاجزةٍ.

تشجعي أيتها المرأة، فليست الحرية سوى لحظة أختيار وقرارر “إما تكوني أو لاتكوني”، فمتى تنهضي وترفعي عن نفسك شعور الهوان والضعف؟  وتمسحِ دمعتكِ بيديكي؟ و متى يصلب ظهرك وتُرفع قامتك؟ و متى تملكين قرارك وتحنو على ذاتك التي تاهت عنكِ؟.

فلم يتوه منكِ الطريق؟ بل تاهت ماهيتك مع سبق الإصرار والترصد، تحت وطأة الضعف والهوان والإضطهاد المزعوم، تمسكِ بأخر باب و إنطلقي لعالم ماهيتك وموطنك، كوني أنثى تصنع جودة الحياة، كوني امرأة تخلق المعنى وتعيشة، كوني سيدة لعالمك وذلك بتفرد القيم والخُلق الطيب، و احفرى كينونتك بسلاح العلم و العمل المختلف.

اعشقي ذاتك ونقيها من صغائر وتوافه النفس الضعيفة، و ابحثي عن تقوى نفسك وأمحي باب فجورها، تمسكي بذاتك وهويتك فأنتِ تستحقين أنّ تكوني موطنكِ، إذا كنتِ تريدين أنّ تكوني شيئًا مذكورًا.

بقلم| عبير مصطفى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى