سوء استخدام الكورتيزون
“الدواء مفعوله كالسحر” كلمات ربما سمعناها تكراراً، وربما جربنا ذلك الشعور السحري بأنفسنا؛ كلمات عند سماعها يتبادر للذهن فوراً ذلك المارد الذي دائماً ما يوضع في قفص الاتهام بل وأصبح سيء السمعة من جراء سوء استخدامه؛ نعم، إنه الكورتيزون ذو الفوائد المتعددة والأضرار القاتلة، لذلك سنتحدث عن سوء استخدام الكورتيزون وكافة التفاصيل عنه.
انتشر سوء استخدام الكورتيزون بصورةٍ كبيرةٍ في مختلف الأنحاء دون أدنى دراية بعواقب سوء استخدامه. ولما كان سوء استخدامه من الأمور الشائكة الملتبسة على الكثير، وجب علينا التحدث في هذا المقال عن سوء استخدام الكورتيزون ومظاهره والآثار المترتبة عليه. لكن دعونا أولاً نتعرف على ذلك المتهم.
ما هو هرمون الكورتيزون
الكورتيزون هو هرمون تفرزه الغدد الكظرية الموجودة أعلى الكليتين، وهو هرمون الأزمات الذي يغذي غريزة الجسم في (القتال أو الهروب). ويعمل أيضاً في أجزاء معينة من الدماغ للتحكم في المزاج والخوف والتحفيز.
للكورتيزون دور محوري في أجسامنا، نعرض بعضه فيما يلي:
- يتحكم في كيفية استخدام الجسم للكربوهيدرات والدهون والبروتينات.
- يعمل كمضاد طبيعي للالتهابات.
- ينظم ضغط الدم.
- يرفع مستوى السكر (الجلوكوز) في الدم.
- يتحكم في دورة النوم والاستيقاظ.
- يعزز الطاقة كي تتمكن من التعامل مع الضغوطات ثم تستعيد الاتزان النفسي بعد ذلك.
سوء استخدام الكورتيزون
توصل العلماء لصناعة الكورتيزون لاستخدامه في الأغراض العلاجية المختلفة. ويوجد على هيئة مستحضراتٍ صيدليةٍ متعددة.
مثل الأقراص، والشراب، والحقن، والدهانات، والمحلول، وغيرهم من الأشكال الدوائية المختلفة، وكذلك بعض مستحضرات التجميل؛ وهذا ما يحدث به سوء الاستخدام.
ثم يستخدم الكورتيزون في أغراضٍ علاجيةٍ واسعة من أشهرها علاج الحساسية الجلدية وحساسية الصدر.
بالإضافة إلى ذلك التهاب المفاصل، والروماتويد، والذئبة الحمراء، والتهاب القولون التقرحي، وبعض الأمراض الجلدية كالصدفية.
فسوء استخدام الكورتيزون هو استخدام المستحضر الدوائي في غير غرضه العلاجي الصحيح. إما بجرعةٍ خاطئةٍ أو تشخيصٍ غيرِ سليم. ونتعرف عليه أكثر في مظاهر سوء استخدامه.
تعرف على| سوء استخدام المضادات الحيوية
مظاهر سوء استخدام الكورتيزون
هناك مظاهر عديدة لسوء الاستخدام نتابعها فيما يلي:
-
استخدام الكورتيزون بجرعة أعلى من المطلوب
يحدث غالباً مع الأقراص والأشربة، وقد يؤدي إذا لم يتم تدارك الموقف بسرعة إلى عواقب وخيمة. كتدمير الكبد والكلى ومشكلات القلب وغيرها.
-
استخدام الكورتيزون بجرعة أقل من الموصوف
هذا يؤدي إلى عدم الوصول للنتيجة المرجوة من العلاج وربما أطال الطبيب مدة استخدامه فتظهر آثاره الجانبية غير المرغوبة.
-
استخدام الكورتيزون في غير غرضه العلاجي
ثم في هذا الشأن حدث ولا حرج ونضرب أمثلةً شهيرةً ومنتشرة لهذا المظهر:
-
استخدام الكورتيزون لزيادة الوزن
حيث يتجه الكثير من الناس وخاصةً الفتيات إلى استخدامه لزيادة الوزن وظبط القوام. إما بسبب النحافة المفرطة والتي تسلط عليهم المتنمرين أو بغرض الزواج، وغيرها.
-
استخدام الكورتيزون في علاج الأمراض البكتيرية أو الفيروسية
فإدراج الكورتيزون في بروتوكول علاج الأمراض الفيروسية والبكتيرية وأشهرها البرد والأنفلونزا هو من أخطر الأمور وأشيعها.
فما أكثر استخدام ذلك الخليط المسمى (حقنة الثلاثة في واحد) المستخدمة في علاج البرد. والتي تحتوي على الكورتيزون دون أدنى حاجة له. فالكورتيزون يقلل المناعة، الأمر الذي يساعد على تفاقم الحالة بدلاً من علاجها.
وإذا قيل أن الحقنة تحتوي على مضاد حيوي وأن دمج الكورتيزون معه أمر ضروري لتجنب الحساسية. فالأولى إجراء اختبار حساسية للمريض قبل إعطائه المضاد الحيوي.
-
استخدامه لعلاج الأمراض الجلدية الفطرية
وما أكثر انتشاره! فتشابه أعراض حالات الأمراض الجلدية قد يؤدي إلى التباس الأمر على مقدم الخدمة الطبية لتشخيص الحالة بشكل سليم.
فربما يصف مستحضراً يحتوي على الكورتيزون لعلاج مرضٍ فطريٍ كالتينيا. فيؤدي إلى تفاقم الحالة نظراً لتقليل المناعة بالكورتيزون.
-
دمج الكورتيزون في تركيبات فتح الشهية
إن الكورتيزون يحفز الشهية بالفعل، لذا يستخدم في أشد الحالات كمرضى السرطان. لكن استخدامه دون داعٍ يؤدي إلى الأعراض الجانبية المكروهة.
فالأولى استخدام الفيتامينات وأدوية فواتح الشهية المنتشرة بكثرة ولا تحتوي على الكورتيزون.
-
استخدامه في علاج الجروح
فربما وصف غير المختص مستحضراً جلدياً يحتوي على كورتيزون لعلاج جرح ما. فمن خصائص الكورتيزون تقليل التئام الجروح إلى جانب تقليل المناعة، مما يجعل الجرح بيئة مناسبة للإصابة بالبكتيريا.
-
استخدامه مع مريض لا يتناسب مع حالته المرضية
فهناك مرضى لا يجب استخدام الكورتيزون معهم كمرضى السكر والضغط. حيث إنه من تأثير الكورتيزون ارتفاع السكر والضغط.
مما قد يؤدي إلى أمور لا تحمد عقباها قد تصل إلى غيبوبة ارتفاع السكر، أو أزمة ارتفاع الضغط مع مرضى الضغط. وبالتالي التعرض لخطرٍ عظيم.
-
الإيقاف المفاجئ لاستخدام الكورتيزون
وهو من أشهر مظاهر سوء استخدام الكورتيزون فكما ذكرنا أن الكورتيزون بطبيعته يُفرَز في الجسم. لذا فإن إدخاله إلى الجسم في صورة دواء يؤدي إلى قلة إنتاجية الغدة الكظرية للهرمون وربما توقف إنتاجه.
ولكي يستعيد الجسم طبيعته في إفرازه مجدداً يجب سحبه من الجسم تدريجياً باستشارة الطبيب المختص. فهذا أحرى ألا تصاب بالأعراض غير المرغوبة والمسماه بداء أديسون.
-
طول فترة استخدام الكورتيزون
ومن أشهر أمثلته استخدام الكورتيزون في أغراض التجميل كالتفتيح، فاستخدامه على الجلد لفتراتٍ طويلةٍ. حيث يؤدي إلى رقة طبقات الجلد، مما يعرضه للكدمات والجروح بسرعة ويقلل سرعة التئامه.
الآثار المترتبة على سوء استخدام الكورتيزون
هناك العديد من الآثار المترتبة على سوء استخدام الكورتيزون والتي قد تكون قاتلة. حيث نستعرض أهمها فيما يلي:
- زيادة فرصة الإصابة بالأمراض البكتيرية والفيروسية والفطرية
فالكورتيزون يقلل المناعة مما يسمح لتلك الكائنات المجهرية بالنمو بسهولة داخل الجسم دون رادعٍ لها.
- ارتفاع مستوى السكر في الدم
وخاصةً مع مرضى السكري والذي قد يؤدي إلى غيبوبة السكر مما يعرض حياته والأعضاء الحيوية في جسمه للخطر.
وكذلك المضاعفات الخطيرة على المدى البعيد كمشكلات الأعصاب والإبصار التي قد تصل إلى حد العمى.
- ارتفاع ضغط الدم
وخاصةً مع مرضى الضغط مما يؤدي إلى المشكلات الخطيرة كالجلطات ونزيف المخ وغيرها من المشكلات القاتلة.
- زيادة وزن الجسم
وبالتالي التعرض للمشكلات العديدة الناتجة عن زيادة الوزن.
- الإصابة بمتلازمة الكوشينغ ( cushing synrome )
وتنتج عن زيادة مستوى الكورتيزون في الجسم إما طبيعياً أو بسبب فرط استخدامه. ومن أشهر أعراضها زيادة ترسبات الدهون خاصةً وسط أعلى الظهر بين الكتفين (سنام الجاموس).
بالإضافة إلى ذلك، في الوجه (الوجه البدري)، ورقة الجلد، وبطء التئام الجروح، وحب الشباب، وارتفاع ضغط الدم والسكر.
- الإصابة بداء أديسون (Adison`s disease)
ويسببه الإيقاف المفاجئ لتناول الكورتيزون، ومن أشهر أعراضه الإجهاد الشديد، ونقص الوزن والشهية.
بالإضافة إلى ذلك، وانخفاض مستوى السكر في الدم. ثم انخفاض ضغط الدم، والإغماء، وآلام العضلات والمفاصل، والاكتئاب.
- رقة الجلد وقلة التئام الجروح
نصائح
عزيزي القارئ بعد إيضاح ماهية سوء استخدام الكورتيزون ومظاهره المختلفة ننصحك باتباع خطوات السلامة التالية:
- الالتزام بتعليمات تناول الدواء.
- ثم استشارة الطبيب المختص أو الصيدلي قبل استخدام الكورتيزون.
- ثم استشارة الطبيب في حال ظهور أي أعراض بعد استخدامه.
- إذا كنت قد وقعت بالفعل فريسة لسوء استخدام الكورتيزون فعليك بالتوجه فوراً إلى الطبيب المختص لحل المشكلة.
- ثم يجب عليك عزيزي القارئ معرفة مكونات الدواء جيداً وخاصة تلك التركيبات ذات المكونات المجهولة، فربما احتوت على الكورتيزون.
أخيراً نتمنى لكم السلامة من آثار سوء استخدام الكورتيزون وغيره من الأدوية.
بقلم| الدكتور محمود المغربي