مقالات وآراء

طار الحب من الشباك

الحب كلمة تتغنى بها ألسنتنا دون معرفة حقيقة ما تحمله هذه الحروف حقا من معاني، فالحب بالمفهوم النظري يختلف من شخص لآخر حيث وضع له الفلاسفة مفاهيم كثيرة.

ومن ضمن هذه المفاهيم، منها ما يقول إنه مجموعة متنوعة من المشاعر الإيجابية والحالات العاطفية والعقلية قوية التأثير، ويتم تعريفه أيضا على أنه مجموعة من المشاعر المعقدة التي تنتج عنها العديد من التصرفات والأفكار المنسوجة بعواطف قوية تحكم المرء وتسيطر على كيانه وإحساسه، مما تجعله حريص على حماية ما هو حقه ويشعر تجاهه بقوة جاذبة.

لكن ما هو المفهوم الحقيقي للحب الذي أصبحنا نعيشه الآن، هناك صور كثيرة للحب تختلف عن بعضها البعض، فحب الأم لإبنها، وحب الزوجة لزوجها، وحب الأب لأولاده، وحب الأخ لأخواته، وحب الصديق لصديقه، وحب العائلة، وحب الشخص حتى لحيوانه الأليف، كل منها يمكننا وصفها بالعلاقة السامية إذا تجرد منها الأنانية والتملك.

فكل منا له تفسيره الخاص في ممارسة مفهوم الحب، فمنا من يفسره على أنه شعور المشاركة بين الطرفين في كل شىء السراء والضراء، وهناك من يفسره على أنه مجموعة من التضحيات والتنازلات يجب أن يقدمها كلا الطرفين في العلاقة لإنجاحها، وهناك من يرغب في أن يعيش دور السيطرة والإمساك بزمام الأمور لأنه يرى إنه الطرف الصحيح ذو النظرة الثاقبة في هذه العلاقة، وهناك من يبيح لنفسه فعل كل شىء لإرضاء شهواته وغرائزه تحت مسمى الحب.

يجب علينا التدبر حقا في مفهوم الحب الذي نريد أن نعيشه، هل هو مجرد شعور نتمنى وجوده ونحاول جاهدين على خلقه داخل علاقة نريد لها الإستمرار تماشيا مع مجريات الحياة التي فرضت علينا قانعين أنفسنا إننا نشعر بالسعادة المؤقتة، أم هو الحب الذي يهز الكيان ويحدث جلل في القلب والعقل، الحب الذي يحدث بعثره لكل ماهو ثابت داخلك ومعتقد راسخ، الحب الذي يحيئ قلبك من جديد في كل لقاء، الحب الذي يخطفك من أول وهلة يشعرك بخفقان دائم لنبضات قلبك ويجعلك تعيش حالة من السعادة الحقيقية الدائمة، الحب الذي يمتلكك ويجعلك أسير لهذه الحالة الفوضوية التي يحدثها فيك ومتنمنيا أن تعيش داخلها في كل لحظة.

فإذا أيقننا تماما ما نريده حقا يمكننا الوقوف على الطريق الصحيح قادرين على مواجهة كل الصعاب، إذا كنت بجوار من تحبه حقا من قلبك من تشعر به في كل لحظة في كل نفس تخرجه من قلبك، حتى وإن كان بعيد عنك مسافات ولا ترى عينك سواه ولا ينبض ويحس قلبك إلا به، فهنيئاً لك فأنت من المحظوظين.

فإذا صادفك الحب بمفهومه الحقيقي يجب عليك التمسك به بكل ما أوتيت من قوة لأنه يأتي مرة واحدة فقط، ولكن ليس التمسك فقط ولكن أيضا طريقة الإحتفاظ به بالشكل الصحيح وعدم خلطه ببعض الأحاسيس الأخرى كحب التملك والأنانية وحب السيطرة والإستغلال وغيرها من الأحاسيس الخداعة تحت مسمى الحب، فالحب برىء من كل هذه الأحاسيس الهدامة التي تميت قلبك حياً وتجعلك إنسان بلا روح، والتي بوجودها يمكننا القول إنه قد “طار الحب من الشباك”.

طار الحب من الشباك

بقلم| جهاد رمزي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى