فن وثقافة

السجين.. قصة قصيرة للكاتبة هدى حجاجي أحمد

يعرض موقع بوابة القاهرة قصة السجين للكاتبة هدى حجاجي أحمد.

قصة السجين

كانت شباك العنكبوت المهملة سريري، والكلمات الساقطة مطري، أتواطأ ببطء مع الصوت على الموت، أقنع السجان في كل مرة أن صوته عذب لأتوضأ.

لكنني فتحت فسحة للشمس بين القضبان، فزت بالبراءة حين ضحكت في وجه ألمي في تلك زنزانة الخروج قلبي ونصب المشنقة ووضعه عليها، ينزف ألماً لتدمع العين دماً لا مجال لتغيب عن الوعي من الألم.

وأكتب بدماء عيني عن صراع الموت بالسعادة من حولي، ومن يهتم لأمرك، لألمك أو حتى ضحكة صفراء تخرج منك.

لا محال أن تعيش الألم وحدك عشرون عاماً في قلب هذه الزانزانة حتى أصبحت روحي ظلا لجثة هامدة فلا يخلو جسدي من ثقوب الليل والعتمة.

ولا يخلو من ندبات هذا الجسد البالي، الأكل متعة تساعد على هزيمة هم التوقع وقلق الإنتظار، الساعات ظلت تمتد وتطول حتى حان موعد طابور الشمس في الساعة العاشرة دون أن تسمع صوت أبواب الزنانزين تفتح، أو أي حركة في حوش السجن، ماذا يحدث في الخارج؟

كنا جميعا قد سمعنا إيقاع أقدام الحراس تقترب، ثم طبلة الزانزانة يدور فيه المفتاح والباب بصرير مفصلاته الصدئة ينفرج ليتسرب شعاع من ضوء الشمس.

الطرقة العلوية للسجن إلى أسفلت أرض الزنزانة الذي سرعان ما حجبته عنا كتلة الجسد الفارع (السجان).

قف أيها السجين أنت تحت التحقيق ..هه؟ لكن أحدا منا لم يرد .. (ياسر ) مسجون سياسي كل جريمته أنه عبر عن رأيه في بلد يفتقد العدل والحرية.

كنت بحاجة إلى معرفة كم مضى من الوقت بي هنا، التعود على المكان أمر صعب والأصعب منه محاولة انتزاع اعتراف منك، الحديث هنا بالأيدي والصفعات واللكمات والركل بالأرجل ودبشكات البنادق.

ثم يدفع به في زانزانة شبه مظلمة، الصمت ساكن في حوائطها وسقفها وأرضها الرطوبة، ويحدث ذلك للحظات حتى يتعود على الرؤية في ضوئها الرمادي الخافت كنت أرتقب حريتي عبر شعاع من الضوء أو الأمل.

ولكن كلنا معذبون ولو كانت الحرية سجناً أكبر من قلعة، كنت أغفو قليلا ولا يعيدني للواقع سوى صوت ابنتي يتردد في أذني: بابا أفق من نومك الساعة العاشرة صباحاً.

قصة السجين

الكاتبة| هدى حجاجي أحمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى