فن وثقافة

أنا والخوف.. قصة لـ عزة رياض

يعرض موقع بوابة القاهرة قصة أنا والخوف وهي من المجموعة القصصية (أشخاص قد تعرفهم) للكاتبة المصرية عزة رياض.

قصة أنا والخوف

نفس الظلام ونفس الصمت ونباح الكلاب والأروقة الطويلة، وأنا أتحسسها بيدي كي أصل إلى غرفة النوم لكن مع الفارق، فأنا لا أريد إشعال الضوء كي لا أزعج أحدا.

إقرأ عن| الإله بالدر

أما هناك فكنت مجبرة على الظلام لأن المكان كان في الريف حيث كان على “مكنة النور” أن تتوقف لبعض ساعات في قصر رضا أو بيت الرعب كما كان يطلقون عليه هناك لمساحته الشاسعة التي تبدأ ببوابة في شارع وتنتهي إلى بوابة أخرى إلى شارع آخر وهو بيت أبي الذي كان أرضا خالية تسلمها من جدي نقوطا حين أنجب أخي محمد.

وبعدها قضى أبي سنوات يخطط لرسوماته اجتهادا كلما قفزت إلى ذهنه فكرة نفذها حتى صار أربعة طوابق، لكل واحد من أبنائه طابق يخصه ويخط عليه اسمه واسم زوجه.

إقرأ قصة| يحيا العدل

وأفنيةَّ عدة وأروقة ملتوية لدرجة أنني كنت أحيانا كثيرة أضل طريق العودة من أحد الطوابق؛ فأنادي على أبي بمساعدة صدى صوتي ليأتي إليَّ ويعود بي.

في يوم من الأيام وبسبب ظروف عمل أبي في المدينة ومرض جدي تطوعت وأنا في الصف الأول الثانوي بأن أذهب لمراعاته.

إخترنا لك قراءة| ما زلت أقاوم

وكان جدي قد انتقل إلى قصر رضا وترك منزله بعد وفاة جدتي، ذهبت إلى هناك مصطحبة خوفي من المنزل، سكنا الدور الأول أنا وجدي، كل دوري كان إطعامه وإعطاءه الدواء وغلق البوابتين بعد العشاء.

كنت أذهب بصحبة كلب كان هناك لحراسة المنزل وفي الحقيقة إنه كان نفسه يحتاج لحراسة! كنت أسير أغمض عيني من بوابة إلى أخرى.

وكل ما يدور بذهني حكايات كان يحكيها جدي عن جنية البحر والنداهة وغيرها من التراث وأفكر ماذا لو ظهروا لي أين أذهب؟! وماذا افعل؟! ثم أعود إلى المبنى بسلام.

أمر على غرفة جدي وأقول له بصوت مرتجف: “تصبح على خير يا جدو” ولا أسمع منه غير صوت شخير عالٍ! بعدها أدخل غرفتي.

وأنا أتلفت في الظلام أغلقها عليّ من الداخل بالمفتاح ثم أقف في منتصف الغرفة وأقذفه في الهواء ليقع رنينه في في أي مكان.

وبمجرد وضع رأسي على المخدة أسمع صوت نبيب ماعز الجيران؛ فيهرب النوم من النافذة ويتركني! وبعدها بحوالي ساعة ينادي جدي بصوت شيخ مرتعش: “عزة”.

يستغرق نطق اسمي معه ما يقارب من نصف دقيقة!، أجلس صامتة ولا ألبي؛ فالغرفة مغلقة وأنا أضعت المفتاح عنوة ولن أجده إلا في الصباح عند دخول الضوء من النافذة.

كنت أخاف من الظلام في الخارج ليلا ففكرت وقتها أن أنفرد به في غرفتي حتى لا أهرب منه بل أصارعه أنا وهو لا أحد بيننا؛ يهزمني هو ليلا وأقتص منه في الصباح.

أنا والخوف

بقلم| عزة رياض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى