منارة الإسلام

الصحابية صفية بنت عبد المطلب أم الزبير بن العوام.. صحابيات في الإسلام

في سير صحابيات في الإسلام تصحبكم بوابة القاهرة لقصة صحابية مليئة بالعلم والمعرفة والنضال والشهادة والحب والتضحية والصبر، أم الزبير بن العوام وهي الصحابية صفية بنت عبد المطلب بن هاشم رضي الله عنها.

الصحابية صفية بنت عبد المطلب

هذه الفارسة، التي أظهرت في ساحة القتال دفاعاً عن الدين والوطن والكرامة وكل صور الشجاعة والكفاح. فحفرت أسمها من نور في قائمة النساء المسلمات، اللائي يعتز بهن الإسلام ويفخر بهن.

لم تكن مثل كثير من النساء تنشغل بمتاع الدنيا. بل كان نصب أعينها على الدار الآخرة بما أعد الله فيها لعباده الصادقين المخلصين من نعيم دائم.

فقدمت مالها وروحها لنصرة دينها، إنها صفية بنت عبد المطلب بن هاشم – عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي الأخت الشقيقة لحمزة بن عبد المطلب أسد الله.

بحكم تربيتها ونسبها كانت كريمة النفس شديدة البأس، تزوجت العوام بن خويلد أخو السيدة خديجة بن خويلد. وأنجبت منه خير الصحابة وهو الزبير بن العوام.

كانت السيدة صفية تخرج إلى ساحات القتال تسقي المجاهدين، وتداوي جراحهم وتحمل معهم السيف. فلن ننسي ابدأ موقفها في غزوة أحد، وذلك طبقٱ لما تناقله المؤرخون للغزوات والفتوحات الإسلامية.

فعندما لاح النصر في غزوة أحد، ترك الرماة من المسلمين مواقعهم، وشغلوا أنفسهم بجمع الغنائم. وهنا انقضت عليهم قوات المشركين، فتحول النصر إلى هزيمة.

لكن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – واصل الجهاد مع فريق من المجاهدين حتى أصيب النبي. ومن هنا ظهرت شجاعة صفية بنت عبد المطلب، وهي التي تجاوز عمرها الستين.

حيث ألقت وعاء الماء الذي تسقي به المجاهدين وأخذت تقاتل برمحها في سبيل الله. وتصرخ فيمن فر من المسلمين: “ويحكم، تخلفتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم“.

وهنا تقدمت الصفوف تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس لأنه ابن شقيقها، ولكن لأنه رسول الله.

وفجأة وهي في ساحة القتال بجوار رسول الله، رأت عن بعد جسد أخيها (حمزة بن عبد المطلب) وسط الشهداء الأبرار.

إقرأ واستمع أيضا| ابتهالات الشيخ نصر الدين طوبار

أم الزبير بن العوام

همت الصحابية صفية بالإسراع إليه لتودعه، فلما رآها الرسول صلى الله عليه وسلم- طلب من ابنها الزبير أن يمنعها من رؤية حمزة مشفقٱ عليها.

فقال الزبير لأمه: يا أماه، إن رسول الله يأمرك أن ترجعي، فرفضت أن ترجع، وعندما رأت حمزة غضبت للتمثيل بجثته غضباً شديداً. ثم عادت وصبرت واحتسبته عند الله الذي لا تضيع ودائعه قائلة “إنا لله وإنا إليه راجعون“.

ولم تقتصر رسالة الصحابية صفية بنت عبد المطلب بن هاشم على ما كانت تقدمه في ساحات القتال في خدمة المجاهدين وشحنهم معنوياً لبذل كل ما في وسعهم في ميادين الجهاد. بل ربت صفية فارساً هو الزبير بن العوام.

يعد “الزبير” أول فارس في الإسلام، أعدته بعد وفاة أبيه يكون جندياً من جنود الله، ربته على الأخلاق الكريمة كما ربته على خوض المعارك وحثه على نيل الشهادة في سبيل الله.

إن للسيدة صفية جولات في علاج المجاهدين والتخفيف عنهم نفسياً ودفعهم إلى المزيد من التضحية في سبيل الله حتي بعد الاستشفاء.

ففي غزوة خيبر قامت صفية بعمل خيمة مع عدد من النساء المسلمات، وذلك للخدمة الطبية للمقاتلين في سبيل الله، وتصبح بذلك صاحبة أول مستشفى ميداني كما يقال عنها في العصر الحديث.

لذلك فقد حدد لهن الرسول صلى الله عليه وسلم نصيباً من الغنائم اعترافاً منه إليهن بهذا الدور العظيم. لكنها كانت عفيفة النفس، فلم تكن تريد مالاً ولكنها كانت تتطلع إلى الجزاء من الله عز وجل.

إقرأ أيضا| وقفات مع قصة سيدنا يونس

قصة صفية عمة الرسول في غزوة الخندق

كما لا ننسي موقفها في غزوة الخندق، الذي كان دليلاً جديداً على شجاعتها. فقد تحالف في يوم الخندق قريش وغطفان ويهود بني قريظة لحرب المسلمين وحاصروا المدينة. وقام النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون بحفر خندق حول المدينة لحمايتها.

وكان صلى الله عليه وسلم حريصاً على حماية الأطفال والنساء وتوفير الأمن لهم، فأمر أن تكون نسائه ونساء المسلمين وأطفالهم في الحصون والقلاع.

أول امرأة قتلت يهوديا

ونزلت صفية وعدد من نساء المسلمين في حصن لحسان بن ثابت، وكان من أقوى الحصون في المدينة.

وكانت صفية تراقب ما يجري خارج الحصن وفجأة رأت يهودياً من بني قريظة الذين نقضوا عهدهم مع رسول الله، يحوم حول الحصن.

فطلبت من حسان بن ثابت أن ينزل إليه فيقتله؛ حتى لا يذهب إلى اليهود ويفشي سرهم ويعرضهم للقتل. ولأن حسان كان مسناً ومريضاً ولا قدرة له على القتال. فلم ترسل إلى النبي وأصحابه حتى لا تشتت تفكيرهم، بل اتخذت موقفاً من مواقف العزة والشجاعة.

فقد أخذت عموداً من حديد من خيمتها ومضت إلى باب الحصن ففتحته ومضت إلى اليهودي فضربته بالعمود على رأسه فقتلته.

ولم تكتفي بذلك بل ألقت برأسه من فوق الحصن. لتوجه هذه الرسالة لقومه بدرس لن ينسوه ابدأ، وتفتخر السيدة صفية وتقول: “أنا أول امرأة تقتل رجلا من اليهود أو المشركين“.

فحينها لم تكن النساء مطالبات بالقتال، ولكنها رأت في القتال ضرورة فقامت بواجبها دون أن يطلب منها أحد ذلك.

حتى ظن العدو أن رجال محمد تركوا ساحة القتال للدفاع عن نسائهم، ولم يدركوا أن نساء الإسلام نساءً مع أزواجهم، ورجالا وقت الشدة.

عاشت السيدة صفية بنت عبد المطلب حياة عزة وكرم وجود بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان الخلفاء الراشدون يعرفون قدرها، ويعترف الصحابة الكرام رضي الله عنهم بفضلها.

انتقلت إلى جوار ربها في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة عشرين من الهجرة. بعد أن بلغت من العمر أكثر من سبعين عاماً: فصلى عليها سيدنا عمر ودفنت بالبقيع.

رضي الله عنك يا خير نساء الأرض، فقد ضربتِ للنساء أروع مثل في الحكمة والصبر والحزم والشجاعة. فكنتِ خير أم وخير مجاهدة.

كتبه| شيماء كمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى