فن وثقافة

عبد الوهاب مسعود لـ”بوابة القاهرة”: مركز فيينا لفن الخط لمسة جديدة للفن العربي

مركز فيينا لفن الخط متحف أحتضن عاشقي الجمال وجماليات اللون والحرف والتوزيع والتركيب والتأمل في الفراغ أي خلق حوار داخلي في النفس العميقة والخط فنون اللوحات مما جعل المبدعين والمهتمين في هذا المجال يتسابقون في إبتكار أشكال الحروف وتكوين خطوط جديدة.

والفنانين في “مركز فيينا لفن الخط” اخضعوا الخط لأحاسيسهم الجياشة والفياضة في دمج مساحات ألوان مع بعضه لتقديم لوحة بفكرة يرسلوها عبر ريشاتهم والوانهم.

ومركز فيينا لفن الخط هو جسر للثقافة والتقارب بين الشعوب، ويُعد أول فكرة تطبيق بالنمسا وشرق أوروبا، افتتح 7 سبتمبر 2018، ويوجد متحف في مصر و آخر منذ عدة سنوات في الإمارات في 2002.

والمركز حدث ثقافي مميز وخطوة للتعريف بفن الكتابة اليدويه في أوروبا للأجيال الحالية والقادمة، وقدم أمثلة فريدة من الكتابات وأهمية التعدد اللغوي بالكتابة اليدوية والتي ظهرت في لوحات المقتنيات للمجموعة الدائمة بالمركز والمكونة من أعمال لفنانين وخطاطين جاءوا من بلدان وقارات عدة.

كما أن أعمالهم تجسيد لواقع بلادهم بعدة لغات، وحبهم للحروف جمع بينهم، وفلسفة المركز تظهر في أعمال الفنانين وخلال التجوال يظهر أعجابك بالفكر الذي تحمله اللوحات.

ومركز فيينا لفن الخط أيقظ الاهتمام بتعليم الكتابة وأنماطها المختلفة، وأوجد لغة للحوار بين الخطاط والمتلقي.

كما سلط الضوء على تاريخ فن الخط النمساوي والعربي، وسلط الضوء أيضا على الفنانين المشاركون بكتابة هذا التاريخ منذ القدم إلى عصرنا الحالي والعرفان بهم وتقديرهم على ما قدموه.

والمكان أبرز فن الخط العربي لدى الغرب، و ذكر العالم بجمال الخط العربي، والترويج لحضارتنا العريقة الأصيلة على مر السنين، وحروف الخط العربي تتمتع بالقدرة على الصعود والنزول والانبساط والمرونة في تغير أشكالها.

لذا يُعد الخط العربي فن تشكيلي خفيف الكتلة وذو رونق مستقل في تجريد حروفه، واللغة العربية لغة القرآن الكريم والخامسة عالمياً وتتميز بإتساع شواطئ بلاغاتها.

والفنان بيكاسو قال: “إن أقصى نقطة أردت الوصول إليها في فن الرسم وجدت أن الخط العربي قد سبقني إليها منذ أمد بعيد”.

وتصميم الكتابة في اللغة العربية مختلف عن اللغات الأخرى للتميز والقابلة لأكتساب أشكال هندسية مختلفة وبإقترانها بالزخارف العربية والأرابيسك ومشاهد في تزين المساجد والقصور وفي تحلية المخطوطات والكتب وخاصة في نسخ القرآن الكريم.

ويرجع تاريخ الخط العربي الذي هو نتاج تطور الخط النبطي وتؤكده النقوش التي ترجع إلى ما قبل الإسلام، والقرن الهجري الأول والنقوش موجود في منطقة أم الجمال شرق الأردن ويعود تاريخها إلى 250م.

ويوجد نقوش في منطقة حوران إحدى ديار الأنباط يعود تاريخها إلى 328م، وهي شاهد قبر أمرؤ القيس الملك والشاعر الشهير.

ثم انتقل الخط من حوران إلى الأنبار والحيرة ومنها عن طريق دومه الجندل إلى الحجاز، ومن أربعة عشر قرناً ظهر 14 نوع من الخط 7 منها مستخدمة بكثرة ما بين الخطوط الأكاديمية والكلاسيكية.

وصاحب المبادرة الثقافية لفكرة “مركز فيينا لفن الخط العربي” والذي أخذ على عاتقه حمل تلك الرسالة ونقل التراث بكل فخر واعتزاز وحمل هم الخط العربي الفنان والخطاط عبد الوهاب مسعود مدير مركز الخط بفيينا.

هو نمساوي من مواليد الأردن وصاحب أصابع ذكية مرهفة وأتجه ميوله الفنية إلى احتراف الخط العربي في بلاد لم تدرك أهمية ذلك الإرث الإسلامي لكن مع الإصرار وحرية العمل حمل على عاتقه مسؤولية.

نقل تلك الرسالة أمام الملأ بكل احترافية وعلى مدى سنوات عدة، ليدرك العالم أهمية فن الخط العربي إحدى الفنون الإسلامية بفيينا والتي اشتهرت بكونها مركز عالمي للتعليم والأدب والموسيقى والعلوم.

وترجع فكرة الإنشاء للفنان “عبد الوهاب” لطموحه ومن خلال أعماله، إضفاء لمسة جديدة للفن العربي المعاصر وإيصاله للمغتربين والأجانب دون فقدان الجذور القديمة والحفاظ على التراث العربي الفني.

حين بدأ برسم وترجمة المخطوطات الإسلامية على طريقته ومن منظوره الخاص به خلال التنقل بين سطور وصفحات المخطوطات اكتشف عالم سحري ألهمه أفكار جديدة لم تطرق لأي فنان من قبل فرأى من واجبه كفنان أن ينقض الغبار عن هذه المخطوطات الثمينة.

ومحاولة جذب الإنتباه لها عن طريق تصويرها من خلال ريشة الفنان وقلمه والمعارض التي أقامها، لمحاكت المتلقي وتعيده إلى أمجاد مضت وجعل الخط أكثر جاذبية للمتلقي الغير ناطق بالعربية.

ووصف أعماله بأنها مزيج بين الأحرف العربي والزخارف الإسلامية ليمنح طابع مميز يغلب عليه التوازن بالمساحات اللونية فندعو المتلقي يتأمل عناصر هذا الإمتزاج المكون باللوحة ونهدف بذلك استخدام الحرف كأحد العناصر الأساسية وليس عنصر تصويري في اللوحة فيتحول لأكثر جاذبية للمتلقي وخاصة الأجانب.

كما يوجد طيات مشابه للطيات الموجودة بالمخطوطات القديمة ويمثل هذا العنصر بالنسبة لي تشبيه عملي بالنافذة التي أُطل منها إلى العالم الخارجي المحيط بي وعنصر جديد، وإضافته لاعمالي والتي من خلالها يلقي المتلقي نظراته على أعمالي في الخط العربي بمنظور جديد.

ويقدم مركز فيينا لفن الخط نشاطات متنوعه منها إطلاق عدد من المشاريع الفنية والعالمية، إضافة إلى تدريس أساليب الكتابة باللغات عدة والتي يتكلمها أعضاء الجمعية النمساوية لفن الخط التابعة للمركز وكذلك تنظيم المعارض والمحاضرات والندوات والمؤتمرات.

ومن أولى فعاليات المركز إقامته لمعرض جماعي في العام الماضي 2019، شارك فيه عدد كبير من المهتمين بفن الخط وضم المعرض 50 عملا فنيا.

وخطي لأعضاء جمعية النمساوية لفن الخط، والفنانين هم خطاطين وفنانين تشكيليين وحرفيين من عدة دول هي النمسا وفنلندا وألمانيا وهولندا وإيطاليا وسوريا وأمريكا وأستراليا والأردن وإيران وسويسرا، ومن المشاركين في هذا المعرض جمعية فن الخط السويسرية ورابطة المرأة الأردنية النمساوية.

ومن مشاركات مركز الخط بفيينا مع البيت العربي النمساوي للثقافة والفنون في توثيق وتعميق العلاقات النمساوية العربية بتقديم الثقافة العربية بشكل منهجي عبر الوسائط المتعددة وإقامة معرض الخط العربي في 18 ديسمبر في اليوم العالمي للغة العربية وذلك على مدار عامين متتاليين 2019، 2020.

ويشارك مركز الخط على مدار عامين متتاليين 2019، 2020، ضمن المتاحف الموجودة بـ “ليلة المتاحف الطويلة” وهو نشاط ثقافي سنوي دائم مساء السبت الأول من شهر أكتوبر.

حيث تستقبل المتاحف والمؤسسات الثقافية المدرجة منذ سنوات بهذه الليلة من الساعة السادسة مساء وحتى الواحدة صباحا.

ويستطيع الزوار بتذكرة واحدة زيارة أكبر عدد ممكن من المتاحف والمؤسسات المشاركة، وتنظمها ه‍يئة الإذاعة والتليفزيون النمساوي منذ حوالي 21 عاما.

ويوجد لمركز الخط مكتبة خاصه به تتوافر فيها كتب ومجلات متخصصة بفن الخط باللغات الآتية الألمانية والإنجليزية والعربية والإيرانية، والمركز مستمر في توسيع قاعدة المكتبة عن طريق التبرعات بالكتب المتخصصة أو الفنون المرتبطة به.

فيينا| دعاء أبو سعدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى