منارة الإسلام

الصحابية أم كلثوم بنت عقبة (الممتحنة).. صحابيات في الإسلام

تصطحبكم بوابة القاهرة مع زهرة جديدة من بستان صحابيات في الإسلام فاح عطرها في أشد بيوت مكة كفرًا وضلالًا، أنه بيت عقبة ابن أبي معيط، الذي القي بأمعاء الشاه على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد يصلي عند الكعبة، وهو الذي لف رداءه وأراد أن يخنق به النبي، حتى سقط النبي مغشيا عليه، لكن الله جعل من صلبه، بنت جميلة ذكية تحب العلم إنها الصحابية أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها، فتعالوا نتعرف سويا على قصة الممتحنة كما لقبت في الإسلام.

الصحابية أم كلثوم بنت عقبة

أم كلثوم تعلق قلبها بالإسلام وبنبيه، وكل من سمع سيرتها تعلق قلبه بها. أم كلثوم بنت عقبة طالما حلمت أن تقابل النبي، وتعلن إسلامها لكن كيف؟.

فهي ليست ابنة الكافر عدو الله فقط، بل هي أخت الوليد وعمارة الذين يضمرون للإسلام ونبيه صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، كرها شديدًا.

لم تجد الصحابية سبيلا للخروج من كل هذه الظروف إلا أن تعتنق الإسلام سرًا. نعم، ياله من وضع صعب، بنت صغيرة لم تتزوج ليس لها سند ولا تجرؤ أن تتحدث لأحد بشأن إسلامها. كيف وهي تري هجوم أهلها على الدين فتزداد خوفًا من أن ينكشف أمرها.

ثم يأتي موعد الهجرة وهي تتمنى وتريد أن تهاجر، ولكن كيف وهي فتاة صغيرة لا حيلة لها من بطش أبيها وأخوتها، فتصبر أم كلثوم وتكتم إيمانها وإسلامها وتدعو ربها سرًا أن يحقق آمالها.

وفاة عقبة بن أبي معيط

وتتوالي الصراعات بين المسلمين وكفار مكة، تبدأ بغزوة بدر فقد قتل بها أبيها الكافر عقبة بن أبي معيط، فزادت الأمور سوءً؛ لآن كراهية أخوتها للإسلام والمسلمين إزدادت.

وكان عمر أم كلثوم وقتها سبعة عشر عاما، أي أنها كانت في سن الزواج؛ فتقدم لخطبتها أشرف شبان مكة.

لكنها كانت ترفض؛ لأنه كان يراودها حلمًا آخر يشغل تفكيرها. وهو كيف تلحق بالنبي وكيف تترك مكة وكيف تتخلص من حصار شرك أخوتها، وكيف تعبد الله بكل حرية بلا خوف؟.

بعد ذلك أتت لها الرياح بما لاتشتهي السفن، وجاء صلح الحديبيبة بشروطه والتي كان من بينها، أن من يأتي للنبي مسلما من قريش يرجعه النبي إلى مكة.

فأشتد الخناق على أم كلثوم، وزدات حيرتها وتعاستها، ورأت استحالة هجرتها. لكنها هذه المرة أتخذت القرار، أنها سوف تذهب إلى رسول الله في مكة، حتى ولو أرجعها إلى قومها.

هجرة أم كلثوم

نعم هذه هي الصحابية أم كلثوم بنت عقبة الفتاة ذات السبعة عشر عاما، تهاجر وحدها من مكة إلى المدينة المنورة، في الليل، مشقة لا يتحملها أقوى الرجال، محاطة بالمخاطر مهددة بالأهوال.

فقد قطعت أم كلثوم كل هذه المسافة الطويلة في الصحراء، بلا رفيق ولا صديقة. وكان من الممكن أن يلحق بها إخوتها فيقتلوها.

لكن لم يشغل تفكير أم كلثوم غير أمر واحد، وهو الهجرة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم. الذي من الممكن أيضا أن يرجعها إلى مكة.

دخلت أم كلثوم المدينة وذهبت لبيت أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، التي حينما رأتها عانقتها، وتحدثت معها عن سبب مجيئها. وذكرت لها خوفها من أن يردها رسول الله إلى أهلها في مكة، من أجل شروط الحديبية.

ويالها من مخاوف، لآن حال الرجال غير حال النساء، وحال النساء غير حال الرجال. فقد طالت غيبة أم كلثوم عن قومها ثمانية أيام، فكيف لو عادت إليهم، لنا أن نتخيل ما سيفعله بها قومها.

فلما دخل الرسول على أم سلمة روت له مجيء أم كلثوم، فرحب بها النبي. ثم تحدثت إلى النبي وقالت له: يا رسول الله إني فررت إليك بديني وأن أرجعتني إلى قومي عذبوني.

أمر جلل عظيم أمام رسول الله، الذي كان صامتا في حيرة من أمرها، حتى أنها روى للصحابة أمرها، الذين أزدادت حيرتهم ايضا.

قصة الممتحنة

ثم قال الصحابة: كيف نرجعها يا رسول الله إلى مكة؟ والنبي صامت لا يتكلم حتى يحكم الله في أمره. إلى أن جاء الفرج من فوق سبع سموات لتحدث قصة الممتحنة .

فنزلت أيات سورة الممتحنة: “يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن“.

أمر السماء نفذ، أم كلثوم لن ترجع إلى مكة؛ حتى أتي إخوتها إلى رسول الله يطلبنها، فأخبرهم النبي أن الله نقض عهد الحديبية مع النساء.

فكانت هجرتها خير هجرة وبركة على بنات قريش، حيث أتى الكثير والكثير منهن مهاجرات مسلمات قانتات.

زواج أم كلثوم الممتحنة

حينما قدمت أم كلثوم إلى المدينة، كانت صغيرة السن جميلة ذات حسب ونسب، ويكفيها ما يملأ قلبها من الإيمان الصادق؛ فأعجب بها الكثير من أشراف المسلمين، فجزاها الله على صبرها فتزوجت زيد بن حارثة.

ثم من بعده تزوجت من أغني أغنياء المدينة وأشرفهم وأجملهم. وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة وهو الجليل عبد الرحمن بن عوف، وأنجبت له الأولاد. ثم بعد وفاته تزوجت عمرو بن العاص.

إنها الممتحنة التي أهداها الله عظماء الإسلام وأشرفهم أزواجا؛ فلم تتمتع أم كلثوم بأجمل سنوات عمرها. فقد تركت حياة اللهو والمتاع وهي بنت الأغنياء.

ذلك لأنها أرست قلبها وعقلها خلف رسول الله والتعلق بالإسلام؛ فكانت الخير والبركة لكل مسلمات مكة من بعدها. إنها الممتحنة التي نزلت من أجلها الآيات، فلم تكن تملك غير قلب أحب الله نبيه فكافأها العزيز الغفار.

كتبه| شيماء كمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى