مقالات وآراء

أحمد جودة يكتب.. الصانع

في تلك الليلة كنت أرى وجه حبيبتي صغيرة السن كبيرة الفكر والثقافة وكأني أراها لأول مرة، عيونها جامدة ثابتة وملامح باهتة بلون شاحب تلاشت منه تجاعيد الدراما الإنسانية من الدهشة والاستغراب والتأمل والتعاطف والشوق والتأفف وغيرها من انكسارات خطوط الوجه وتقلباته.

 

لم أعرف انها إنتهت إلى هنا، هنا أعني رفض الواقع وطرح الميثولوجيا التي طُرحت من آلاف السنين لتستخدم لإهدار الوقت وإفساد السعادة الفطرية التي يبغيها ويسعى لها الواعي.

 

وفي تلك اللحظات التأملية في عيون حبيبتي الصغيرة قطعت أنفاسي الأم البائسة الباحثة عن علاج ما أصاب إبنتها، دخلت الأم تحمل راقية البخور والعروسة الورق المثقوبة في عين كل من رأى الصغيرة (حبيبتي) ليزيد هذا الطقس من رفض الفتاة لمعتقدات موروثة سيئة السمعة لدى هؤلاء الشباب المجتمعون على مائدة الإختلاف ليرتوي كلا منهم من لذته الزائفة معتقدين أنهم متجددين لم يسبقهم أحد في منطقهم أو اسئلتهم أو تبريراتهم.

 

هنا أصل إلى مرادي من هذا المقال أن سنة الكون هي البحث الدائم عن الصانع ( المسبب) فلقد كانت فطرة الإنسان منذ نشأته أن يبحث دائما عن سبب الشئ مما دعى الكثير من الفلاسفة أن يشغلها ذلك الخاطر في كثير من مؤلفاتهم أمثال (أرسطو وسبنسر وغيرهم).

 

لكن ما يشغلني هي المعبودات لدى المجتمعات، الغريب في الأمر أن كل هذى المعبودات حتي الأسطورية منها لديها سمات واحدة على سبيل المثال: قصة الشيطان تجدها بأشكال مختلفة في كل الديانات حتى الغير سماوي منها، وقصة الطوفان وغرق البشر وانقاذ الصالحين، وقصص القرابين في كل الديانات هناك القربان ( الفداء).

 

أيضا قصة نشأة البشر وأنهم جميعهم من رجل واحد اسمه آدم حتى أن هموميرس في الإلياذة يذهب لهذا المفهوم فيقول: ” إن الآلهة كلها أبناء ادم و لكن بمرور الزمن والأجيال كبرت همتهم ورًًُفع شأنهم إلى درجة الآلهة”.

 

كما أن هناك ايضًا قصة البعث والعالم الآخر والحساب والعقاب في الحضارات والمعتقدات القديمة، وبهذا استخلص أن جميع الأديان السماوية أو البشرية لها سمات مشتركة وكأنها من أصل واحد.

 

ليس هذا فقط بل أن الفلاسفة اجتمعوا على فضائل مشتركة للبشر قد توافقت تماما مع الأنبياء من القيم والمثل المطلوبة للمجتمع وحرياته.

 

كما أن القوانين الموضوعة لها مقومات دينية وممسوخة من شرائع سماوية، إذًا سيدي هناك عامل مشترك وثابت بين جميع الأديان والأخلاق في مجتمعات قديمة وحديثة، حيث أن هناك صانع تتشابه صنعتة من مكان إلى آخر تُري من الصانع؟ بالنسبة لي هو الله الواحد الأحد.

 

الصانع
أحمد جودة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى