مقالات وآراء

داليا فكري تكتب: آباء لكن ظرفاء

هل نمت جيدًا اليوم؟!.. بلى، فجواري وسادة دافئة وغريزة ليست مكبوتة.

إجابة نموذجية لآباء ظرفاء تركوا ورائهم أنقاض أطفالًا لا يبالون لكل دمعة صاحبتهم ولا كم تنهيدة ساخنة حُبست داخل صدورهم.

آباء اليوم لا يعنيهم من حطام حياتهم السابقة غير المرأة، طلقته إمرأة وطلقته روح الأبوة، وطلقتة نخوة الرجال عندما فعصت رجولته بالرفض.

قصص كثيرة تبكيها النساء اللاتي يربين أبنائهن وحيدات، فهذه تشكو كيف تخلى بعلها السابق عن رجولته فأبى احتضان الصغير في نزهة أبوية، وتلك تشكو ربها عن ثِقل الحمل على كاهلها بعد أن تملص شريف عائلته من إعانة أطفاله فطلقهم عندما طلق أمهم.

وأخرى تخلع غطاء رأسها ليلًا باكية تدعو ربها أن يكسر قلبه ويطحن رجولته ويُفعص تحت أحذية من له ولاية عليه مثلما فعل مع صغارها الذي لم يسأل عنهم ولم يراعي نفسيتهم الشفافة من كيده، وأخرى تلعن ذكرًا علق هدم بيته على مرتع نفسيته الكئيبة وأعصابه التالفة ورجولته التي تتهافت عليها النساء.

آباء كُثر لا يعنيهم من حطام الدنيا غير محفظة مليئة، وسرير مطمس الهوية يكفيه أن يطفيء نار رغبته دون احساس أو شعور.

كيف لرجل تخلى عن كل مشاعر الإنسانية والرحمة والرأفة بصغاره، أن يستشعر جسد إمرأة، فآهات إنطفاء رغبته ماهي إلا تنفيس عن مدى استنساخه لفصيلة “البقريات”، فالشهوة خير وأبقى لعله ينسى ماؤه الدافئ الذي تجسد أمامه كيانا يتنفس ويستشعر ويصرخ ويرفض ويطالب بالعدل، ويطالب بحقوقه.

أتسائل عن هؤلاء، كيف ينظرون لأنفسهم في المرآة؟ أهناك دماء دافئة تسري بشريانهم أم أن دماء التبرير والإنكار والكِبر، أعظم من الاعتراف بالخطأ، حتى وإن أخطأوا كيف تصلحون أخطائك بكوارث يدفع ثمنها الصغار.

وأتسائل كيف لرجل لا يعلم كيف يحتوي طفلا ولا يربية ولا يحتوية ولا يحافظ على بنيانة الراسخ الذي يحمل اسمه أن يرتكب هذا الإثم؟

الإعتراف بالحق فضيلة، وكونك تعترف بقدراتك ليس بعيب، فالأبوة ليست ماء تقذفه بدافع التناسل وتتناساه، ولكن الأبوة حملا ليس بهين لا يقوى عليه إلا الرجال، فلا يستطيع أي ذكر بناء شجرة تحمل اسمه، إلا وأن أفنى لرعايتها وإذدهارها، وإلا باتت شجرتك هزيلة ضعيفة تلعن يومها الذي أوقعك لها بستاني أرعن.

فيآباء اليوم، لا تحملوا أوزار رعونتكم على كواهل الضغار، فكفايانا جيلا ممزق مريض بالفَقد، كفايانا عاهات ذكورية تتناسل، وترمي، وتنسى أن المجتمع يأبى أن يبلونا ببلوى نسلهم لينتج لنا أناس ضعفاء.

يآباء اليوم أن كنتم على قدر المسئولية فتحملوها، وأن كنتم من مدعي تعب النفسية فالأفضل لكم أن تستقرون بجزيرة تلتقطون فيها رزقكم الذي ترميه لكم السماء ولا تفكروا مجرد التفكير في “الذرية”، فالذرية لها ناسها وأنتم ليس حِلٌ لها.

آباء لكن ظرفاء

بقلم| داليا فكري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى