مقالات وآراء

نشر لغة الأمل والتفاؤل والبعد عن التشاؤم

إن نشر لغة الإحباط المتمثلة في تجميع النقاط السوداء وتسويقها على أنها صورة المجتمع أمر سيكلفنا الكثير، وستتسبب في انعدام الثقة بين الجميع، وستجعلنا نتخلف عشرات السنين.

المجتمع شأنه شأن كل المجتمعات يمر بأزمة كبيرة ولم يتعاف منها بعد، ولكن ليس معنى هذا أن حركة المجتمع متوقفة، أو أننا يجب أن نتوقف كالأطفال الصغار حتى يأخذ أحد بأيدينا، بل لابد أن نجهد أنفسنا ونحاول دائما أن نفكر كيف ندير أنفسنا، وكيف نحل مشاكلنا الشخصية ومشاكل أسرنا التي نحن أدري بها.

لابد أن نقتحم المستقبل بكل وسيلة من الوسائل، أما أن نتوقف ونتوهم سدودا أمامنا وندير وجهنا للماضي، فهذا هو الموت بعينه لأننا رهنا أنفسنا في نقطة ثابتة كالأموات، الماضي لهم لن يعود.

ومن أصعب الأشياء التي تواجه أي مجتمع أن يتباكي أهله على الماضي مع أن الماضي لم يكن مثاليا لنا، وكنا نحاول أن نهرب منه إلى المستقبل، ولكن ماذا لو أغلقنا أمامنا كل نوافذ المستقبل، ووضعنا أمام أحلامنا مصدات خرسانية تتحطم عليها أو تتعطل ثم تتوقف، فالمجتمعات لا تتقدم إلا بالأحلام، والأحلام هي التي تؤدي إلى الإبداع، وهذا ما نمر به ويسوّق لنا الآن.

إن المجتمعات التي تمر بهذه الحالة لا علاج لها إلا بنشر روح الأمل والتفاؤل، والبحث عن النقاط المضيئة والتركيز عليها وتعظيمها، وإحياء النماذج الناجحة التي تحدت مثل هذه الأجواء وانتصرت عليها، والتركيز على التجارب المماثلة في الماضي والحاضر، عندنا وعند الآخرين. وكيف تخطَّوا هذه المفاصل التاريخية.

نحن في حاجة لمعجم مفردات جديدة تنشر ثقافة التفاؤل والأمل والتحدي، وتنثر بذور المحبة والتسامح والألفة والترابط والعطاء وإنكار الذات.

لابد أن نتعلم كيف نَسعد ونُسعد من حَولنا بالإمكانات التي بين أيدينا، إن متطلبات السعادة قليلة فلا نصعبها علي أنفسنا، فلنبتعد من الآن عن لغة الإحباط والكوابيس التي تدمر نفوسنا وتنحت في صحتنا، ونتحدث بمفردات جديدة كلها أمل وتفاؤل والثقة فيما عند الله، فماضينا وحاضرنا ومستقبلنا بيده.

قلل احتياجاتك من الدنيا حتى في الكلام فلا تسمع إلا ما يسعدك وابتعد عن أماكن المنغصات وتجار الحزن والإحباط والاكتئاب، ولهذا قررت أن أتعامل بمعجم جديد يحث على الأمل والتفاؤل والسعادة، فإذا أغلقت نوافذ الأرض فتبقى نوافذ السماء مفتوحة لا تغلق، أثقالنا لا تساوي شيئا أمام رحمة الله.

الدكتور أحمد فهمي عيسي

عميد كلية الآداب الأسبق – جامعة دمياط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى