مقالات وآراء

“تيك توك” ولا “توك توك”

يالا يا هدى خلصتي ولا لسه”، لترد هدى: “لا لسه شوية يا ماما”، حوار استوقفني عند سماعي له عندما كنت ألعب وألهو مع أطفالي في نزهة عائلية بإحدى الحدائق العامة.

ألتفتُ أنظر من باب الفضول ماذا تفعل “هدى”، وهنا كانت صدمتي بالفعل لما وجدته أمام عينى، لأجد “هدى” طفلة لا تتجاوز سن العاشرة تحمل بين كلتا يديها هاتفها المحمول وهي تصور نفسها فيديو على تطبيق الـ “تيك توك” تتحدث فيه مع صديقاتها في نفس عمرها وأقل.

تتحدث “هدى” بصوت عال في مكان عام مليء بالأشخاص بشكل ملفت للنظر، وعلى الرغم من ذلك لم يقومها أو يعنفها أحد من عائلتها التي كانت معهم، بل بالعكس أنهم كانوا في إنتظارها حتى تنتهي من تصوير الفيديو.

وهنا كانت دهشتي وصدمتي، أحقا وصلنا إلى هذا التدني في تربية النشء؟ أحقا يوجد أشخاص في دنيا البسطاء لايهمهم سوى الشهرة وجمع المال بأي طريقة حتى وأن كانت هذه الطريقة بإستغلال أطفالهم في تلك الأعمال التي هي بعيدة كل البعد عن التربية الصحيحة المطلوبة لخلق جيل جديد مطور للمستقبل؟

شردت وأخذت أفكر لبرهة، هل ما أراه حقيقي، هل من ينتظرونها حقا أهلها، هل هؤلاء حقا فرحين بما تفعله صغيرتهم أمامهم دون وعي، هل جلب المال بأي طريقة أهم من التربية حقا، هل هم ليسوا مدركين أو خائفين لما يتم غرزه في مفاهيم ومعتقدات تلك الصغيرة التي ستصبح أمً فيما بعد، ولماذا كل هذا التقليد الأعمى للمشاهير.

فأسفا على كل أم وكل أب غائب عن حياة ابناءه، أسفا على كل أب وأم إنساق لكل طريقة جديدة تجلب المال بكل سهولة ويسر، دون تفكير في العواقب التي سوف يحصدها من هذا التسيب في المستقبل.

ليتهم يدركون أن الأبناء هي النعمة التي أنعم الله على كل زوجين بها، فيجب عليهم شكره عليها عن طريق حسن تربيتهم وتأديبهم وتقويم خلقهم عن طريق تعديل سلوكهم وتعليمهم شؤون دينهم ليتم بذلك إعدادهم إعدادًا صحيحا نافعًا للبشرية حتى لايكون هناك مجال للندم في وقت لا ينفع به الندم وأن يكون قد فات الأوان.

فلابد من الحفاظ علي هذه النعمة التي يحرم منها البعض ومعرفة الطرق المثلى في كيفية نشأتها وإعدادها لتكون أشخاص سوية سليمة الفكر والمعتقد، نافعة لنفسها أولا ثم المجتمع.

على الآباء مراجعة أنفسهم في علاقاتهم مع أبنائهم بتعليمهم أنه هناك حدود للحرية تبدأ عندما تسخدم بطريقة خاطئة تضر بهم حاليا وفي المستقبل.

التربية الصحيحة والنشئ الجيد بالبعد عن ما هو تقليد أعمى دون تفكير هما الأساس الذي تبني عليه شخصية الإنسان وتساعده في تحديد مستقبله، فإذا صلح الأساس صلح المستقبل بأكمله والعكس.

علينا أن نستيقظ من غفلتنا ونفرق، هل كل هذه االتطبيقات التي يطلقها علينا الغرب ومنهم تطبيق “التيك توك” للتعلم والإبداع كما يزعمون أم هو ليس سوى مجرد “توك توك” يقودنا إلى حافة الهاوية إلى أن نسقط دون أن نجد النجاة أو حتى المساعدة.


“تيك توك” ولا “توك توك”

بقلم| جهاد رمزي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى