فن وثقافة

الإله بالدر

كان “أودين” الإله الأعظم ووالد الألهة، هو وأطفاله يقطنون مدينة “أسغارد” التي تقع في نهاية قوس قزح.

كان قصر “أودين” عالياً على ارتفاع السماء مسقوفاً بالفضة الخالصة، ويحوي عرشًا ذهبيًا، عندما اعتلى اودن العرش كان بإمكانه رؤية العالم أجمع.

كان يجلس على العرش كل يوم ليرى ما إذا كان كل شيء كما ينبغي أن يكون على الأرض، أحب الناس والحيوانات، وكل الأشياء الجميلة على الأرض لأنهم كانوا من صنع يديه.

“أودين” كان لديه اثنان من الغربان السريعة جدًا كما أعتقد، كل يوم كان يطلق الغربان عبر المحيطات وفوق الأرض للتأكد أن كل شيء على ما يرام، وعندما يعودون يستقرون فوق كتفه هامسين في أذنه بكل ما رأوه.

إقرأ المزيد| ولي في قطار تائه مسرحية شعرية للكاتب سعيد نصر

إلى جانب ذلك، كان هناك حارس لا ينام مطلقًا، كان اسمه “همدال”، الإله الأبيض، لقد أقام دائمًا في أسفل قوس قزح، الذي كان جسر الآلهة، ليطمئن أن عمالقة الجليد لم يأتوا إلى “اسغارد”، فيظل يستمع إلى أصوات الأرض، كانت أذنيه حادة جدًا لدرجة أنه كان يسمع حركة العشب والصوف على ظهر الأغنام.

يومًا ما عندما صعد “أودين” عرشه رأى أن الأرض لم تعد خضراء وجميلة، وكان الهواء مليئا بنتف الثلج، وكانت الأرض صلبة مثل الحديد، كل شيء كان مظلمًا وباردًا.

عادت الغربان، التي تم إرسالها لمعرفة ما إذا كان كل شيء على ما يرام، مسرعة لإخبار أودين أن “هودر”، إله الظلام العجوز الأعمى، قد استولى على الأرض.

إقرأ أكثر عن| بابا الإله

فنادي “همدال” الحارس آنذاك، الذي أكد أنه لم يعد يسمع موسيقى الشلالات والطيور، وكل الأصوات الأرضية المبهجة، كل شيء كان صامت يتخلله خوف من إله الظلام الرهيب.

دعا “أودين” الآلهة جميعاً، ونظروا في شفقة إلى الأرض العظيمة، التي كانت من أجمل ما يكون، عرض ثور، الإله القوي، أن يذهب بمطرقته ويقاتل إله الظلمةِ، لكن “اودن” عرف أن “هودر” يُمكن أن يَخفي نفسه بعيدًا عن ثور.

بعد ذلك عرض “بلدر الجميل” إله النور من أحبته كل الإلهة، أن يذهب فوافق “أودين” واعطاه حصانه المجنح “سليبنر” فانطلق بعيداً عبر جسر قوس قزح.

بمجرد أن سقط ضوء عيون “بلدر” اللامعة على الأرض الباردة المسكينة، أشرقت واهتزت، لكن الإله القديم الأعمى “هودر” أحضر كل قوى الظلام لمقاومة إله النور، وكانت الأرض هامدة كما لو كانت ميتة.

لم يضرب “بالدر” أي ضربات كما أراد الإله القوي ثور أن يفعل. لم يحاول حتى مقاومة إله الظلام، ابتسم نحو الأرض ودعاها لتستيقظ.

أخيراً استدار الإله الأعمى وهرب أمام نور وجه بالدر، فقفزت الجداول وغنت، وعادت الطيور وأزهرت الأزهار، في كل مكان نمت الأعشاب تحركت الحبوب تحت خطى “بالدر”، وأحنت الأشجار أزهارها الأكثر جاذبية لتحيته.

خرجت السناجب والأرانب من مخابئهم ورقصوا وغنوا بفرح كما لم يحدث من قبل، كانت الأرض جميلة جدا.

لكن “هودر”، الإله الأعمى ،كان ينتظر في مملكة الظلام الخاص به، فرصة للاستيلاء على الأرض مرة أخرى، لذلك سمح “أودين” لوالدة “بالدر” بعبور جسر قوس قزح لمساعدة ابنها.

جابت الإله الأم ربوع الأرض ترجو كل نبات وحجر وشجرة ألا يؤذوا ابنها الذي لم يجلب لهم سوى النعم، وترجو كل شجرة وشجيرة ونبتة صغيرة وكل صخرة وحصاة وكل شلال ونهر صغير واعدة اياهم بكل سرور، فقط نبات الدبق الذي ينمو عالياً في شجرة البلوط وليس على الأرض كما تفعل النباتات الأخرى، تم نسيانه.

كان “لوكي”، الإله الأوسط بين الإلهة، كان يفعل دائمًا أموراً خاطئة، وقد اكتشف أن الهدال لم يعط الوعد، فأخبر “هودر”.

اعتقد “هودر” أنه نظرًا لكونه صغيرًا وضعيفًا جدًا، فلن يتمكن من قتل الإله حقًا، لذلك أطلق سهمًا على طرفه غصين صغير من الهدال (1) على “بالدر”.

انطلق السهم ونفذ عبر الإله الجميل، فسقط ميتًا، ثم خلعت الأرض رداءها الأخضر وسكتت وأظلمت بعض الوقت، ولأن “بالدر”، الجميل، قد عاش على الأرض ذات مرة، لم يستطع “هودر” سوى جعلها باردة فقط نصف العام ونصف اليوم فقط مظلمة.

وحتى الآن، إذا انصتَّ، في الشتاء يمكنك سماع صوت الرياح من خلال الأشجار التي تطوح بأذرعها الكثيرة في حزن، وفي صباح الصيف مبكرًا جدًا، ستجد الحجارة والعشب مبلله بالبكاء في الظلام.

ولكن عندما تشرق الشمس تتحول الدموع إلى ماسات وتصبح الأرض سعيدة متذكرة دوماً “بلدر” الإله الصالح.

قد يهمك قراءة| ما هو علاج الخوف من الظلام وأسبابه

سمعت صوتًا، صرخ:

“بلدر” الجميل

قد مات، مات!

وعبر الهواء الضبابي

مر كصرخة حداد

غرانيق (2) مبحرة نحو الشمس

“بلدر” الجميل

إله شمس الصيف،

أجمل الآلهة!

نور من جبهته يضئ

كانت (3) الرونية على لسانه

على سيف المحارب

كل الأشياء الموجودة

في الأرض والهواء

كانت مقيده بتعويذة

سحرية لا تؤذيه أبدًا

حتى النباتات والحجارة

كلها عدا الهدال

الهدال المُحرم

“هودر”، الإله العجوز الأعمى

الذي كانت اقدامه تنتعل الصمت

تم اختراقه في صدره

اللين برمح حاد

بحيلة صنعت من الهدال

الهدال اللعين أنا
(4) لونجفيلو.

=================

تم نشر القصيدة السابقة بأذن من شركه هوجتون ومفلين

صدر هذا الكتاب سنه 1829.. للكاتبة / آن كلنجن سميث Annie Klingens mith

“قصص آلهة وأبطال شماليين “Stories of Norse Gods and Heroes”

==================

هوامش
____________________

(1) “الهدال”: نبات طفيلي يستخدم للزينه، ويسمي ايضاً “الدبق” وايضا يستخدم احيانا لمقاومه السرطان وصحه القلب ويساعد على النوم

(2) غرانيق: طائر  مائي جميل طويل الساق جميل المنظر

(3) الرونية: هي الأبجدية التي كانت تكتب بها اللغات جرمانيه قديمة قبل تبني الابجدية الرومانية، وتعد الأبجدية الرونية ذات اصل الهي حسب الميثولوجيا الاسكندنافية

(4) الشاعر لونجفلو: هنري لونجفلو شاعر وتربوي ومترجم امريكي شهير.

ترجمة| نهى القاضي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى