منارة الإسلام

الصحابية أسماء بنت عميس ذات الهجرتين.. صحابيات في الإسلام

أهلا بكم وسيرة نجمة جديدة من صحابيات في الإسلام، تقدمها بوابة القاهرة لمتابعيها، وهذه الصحابية حازت على الكثير من الصفات والألقاب، فقد هاجرت الهجرتين وتزوجت من خليفتين، وتزوجت أخين، وكانت زوجة لشهيدين، ولقبت بأم المحمدين، أنها الصحابية أسماء بنت عميس رضي الله عنها.

الصحابية أسماء بنت عميس

تزوجت السيدة أسماء من سيدنا جعفر بن أبي طالب، وكانت من اوائل الذين دخلوا الإسلام. وقد ذاقت هي وزوجها ابن عم النبى – صلى الله عليه وسلم – شتي أنواع الأذى على يد كفار مكة، مثلما كان الحال مع غيرهم من المسلمين الأوائل.

ثم نصحهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يهاجروا إلى الحبشة، وقال لهم “إن بها ملكا وهو النجاشي، لا يظلم عنده أحد، حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه”.

لم تتردد الصحابية ابنة الحسب والنسب والتي كانت حينئذ عروسًا جديدة، فى أن تترك كل شىء وراءها، وتصاحب زوجها في هجرته؛ من أجل دين الله والمساهمة في نشر الإسلام.

هناك بدأت من جديد حياتها مع زوجها، فأنجبت له ثلاثة من الأولاد هم عبدالله، وعون، ومحمد، وعاشت فى الحبشة 12 عامًا، جاهدت فيهم مع زوجها لنشر رسالة الإسلام.

في ذلك الوقت كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد هاجر إلى المدينة المنورة، واستقر فيها مع المسلمون.

وبعد سبع سنوات من الهجرة رأى النبي الكريم أنه قد آن الأوان ليعود المهاجرون من الحبشة. حتى يلحقوا بالنبي في المدينة المنورة التي أصبحت منارة وأمان للإسلام.

لم يتردد جعفر وأسماء فى تلبية دعوة النبي مرة أخرى، وعادا إلى المدينة المنورة مع أبنائهم ليبدأوا حياتهم من جديد في المدينة.

وقد كتب الله أن يكون للمسلمين هجرة واحدة، أما هما فكانت لهم هجرتين. ومن هنا جاء لقب سيدتنا الشريفه بـ “ذات الهجرتين”.

إقرأ أيضا| سيرة عثمان بن عفان ذو النورين

ذات الهجرتين

يروى أن سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – كان يزور ابنته أم المؤمنين حفصة زوجة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فرأى عندها أسماء بنت عميس بعد عودتها من الحبشة.

فقال لها يداعبها: يا حبشية لقد سبقناكم بالهجرة، وهنا هو يقصد هجرة المدينة لأنها ذهبت بعدهم للمدينة بعد سبع سنوات من هجرتهم إليها.

فغضبت أسماء من قوله وقالت: “لقد صدقت، كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم، وكنا البعداء الطرداء، في أرض الحبشة. وكنا نبتغي بذلك الله رسوله، وأيم الله لا أطعم طعاما، حتى أذكر ما قلت لرسول الله”.

فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم- قالت: يا نبي الله إن عمر قال لي كذا وكذا. فقال صلى الله عليه وسلم: “ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم هجرتان”.

بذلك جبر خاطرها سيد الخلق أجمعين، مع أنها كانت دعابة من سيدنا عمر. لكن قوة إيمان الصحابية أسماء وثقتها على أنها لا تقل إيمانا عن عمر، أو أي أحد من الصحابة جعلها تغار على قوة إيمانها.

أسماء بنت عميس كانت شخصية إيجابية، تتحرك دوما حبا في الله ورسوله، طالبة للعلم، ويروى أنها لما رجعت من الحبشة مع زوجها جعفر.

ثم دخلت على نساء النبي فقالت: هل نزل فينا شيء من القرآن؟ قيل لها لا. فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: “يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسارة. قال: ولم ذلك؟ قالت: لأنهن لا يذكرن بالخير كما يذكر الرجال”.

فأنزل الله هذه الآية على نبيه محمد إكرامًا لها: “إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصّادقين والصّادقات والصّابرين والصّابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدّقين والمتصدّقات والصّائمين والصّائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذّاكرين اللّه كثيرا والذّاكرات أعدّ اللّه لهم مغفرة وأجرا عظيما” صدق الله العظيم.

إقرأ أيضا| أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

من هي زوجة الخليفتين وصاحبة الهجرتين

السيدة أسماء ذات الهجرتين كان بينها وبين زوجها جعفر بن أبي طالب حبا كبيرا، فكان دائما يقول لها “يا حبة القلب”. وكانت تتحري موضع قدمه لتضع قدمها مكانه، صورة من صور الحب بينهما.

لكن لم ينقضي عام على وجودها مع زوجها جعفر بن أبي طالب في المدينة المنورة حتى استشهد في غزوة مؤتة. وقد أحست بقلبها بأن مكروهًا قد حدث لزوجها.

حين دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أسماء أين بنو جعفر؟ يقصد أبناؤها. تقول السيدة أسماء “فجئت بهم إليه، فضمهم ثم ذرفت عيناه فبكى.

فقلت: يا رسول الله هل بلغك عن جعفر شيء اصابه؟”. قال: نعم، قتل اليوم، قالت: “فقمت أصيح، فاجتمع إليّ النساء، يهدئون من روعي ومصيبتي”.

أسماء وأبو بكر الصديق

بعد عام من وفاة زوجها، زوجها النبي سيدنا أبو بكر الصديق بعد وفاة زوجته أم رومان، وأنجبت منه محمدا عام عشرة هجرية، وبذلك أصبحت كما قلنا أم المحمدين وظلت معه حتى أصبح خليفة المسلمين.

عاشت معه خلال سنوات خلافته وحتى وفاته في عام 13 هجريا، وقد كانت له نعم الزوجة. حتى أنه أوصى بأن تتولى هى غسله.

وبالفعل نفذت وصيته، وهذا يدل علي حنان وعظمة هذه المرأة التي استحقت أن تكون زوجة الخليفة الأول. ولمرة أخرى ذاقت الصحابية أسماء بنت عميس مرارة فقد الزوج، ولكنها تماسكت أيضا كى تتولى تربية أبنائها.

إقرأ أيضا| سيرة أبو بكر الصديق

أسماء بنت عميس وعلي بن أبي طالب

وبعد انقضاء عدتها تزوجها علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، أخو زوجها الأول “جعفر بن أبى طالب”. ذلك بعد وفاة السيدة فاطمة رضى الله عنها، فأصبحت بذلك زوجة الأخوين.

ولما تولى علي بن أبى طالب الخلافة أصبحت “زوجة الخليفتين”، وقد تفاخر في حضور علي بن أبي طالب ابناؤها وقد كانا تحت رعايته، محمد بن أبي بكر، ومحمد بن جعفر.

فقال كل منهما للآخر: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك، فقال علي لأسماء أمهما: اقض بينهما. قالت: ما رأيت شابا من العرب خيراً من جعفر، ولا رأيت كهلاً خيراً من أبي بكر. فقال لها علي: ما تركت لنا شيئا، ولو قلت غير الذي قلت لمقتك.

ثم وقعت الفتنة الكبرى وفيها قتل ابنها “محمد بن أبى بكر”، وابتليت مرة أخرى نوعًا آخر من الفقد والحزن على ابنها.

كتمت أحزانها حتى شخب ثدياها دمًا، واستعانت بالصلاة والصبر على مصيبتها ايضا. باستشهاد زوجها على بن أبي طالب كرم الله وجهه.

مواقف ذات الهجرتين في الإسلام

ومن أهم أدوار ومواقف الصحابية أسماء بنت عميس في الإسلام، كانت ممن يسألن النبي صلى الله عليه وسلم في كل شأن للمرأة المسلمة تريد حكم الدين فيها. أي حدث أو موقف لا يمر عليها مرور الكرام، وبسببها نزلت أحكام كثيرة للمسلمين.

مثلا في حجة الوداع خرج أبو بكر حاجاً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجت أسماء معه، لأنها زوجته. وولدت أسماء محمداً بن أبي بكر، واحتاجت أن ترسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله ماذا تفعل؟ هي تريد أن تحج وهي نفساء.

فأتى أبو بكر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمرها أن تغتسل. ثم تأتي بالحج، وتصنع ما يصنع الناس، لكن أن لا تطوف بالبيت، وأصبح هذا الحكم قائما إلى الآن.

ثم إنها قد لاحظت في يوم أن أبناءها من جعفر تضمر أجسامهم، وقد سألها النبي ذات مرة عن السبب، فقالت له “تسرع العين إليهم”، بما يعني أنهم دائما محسودين.

فسالت النبي: أفأرقيهم؟ قال: وبماذا؟ قالت للنبي كلمات تستعيذ بالله من الحسد، وبعض الأدعية، فأذن لها أن ترقيهم. وقال صلى الله عليه وسلم: لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين.

وعلمت أسماء يوما أن فاطمة بنت أبي حبيش قد طالت حيضتها أكثر من المعتاد فلم تصلي، فسألت أسماء النبي عن حكم ذلك.

فقال صلى الله عليه وسلم: سبحان الله، هذا من الشيطان، فلتغتسل للظهر والعصر غسلا واحدًا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلا، ثم تتوضأ فيما بين ذلك وتصلي. فكان حكما في هذا الوقت.

وهكذا كانت السيدة أسماء تهتم وتسأل عن الأحكام الشرعية وتتعلمها في كل موقف. كما أن أعظم وأرقى مواقفها في الإسلام وقفتها طيلة حياتها في المدينة بجوار السيدة فاطمة الزهراء. ذلك لأن السيدة خديجة وصتها عليها قبل موتها، وراعتها من زواجها حتى وفاتها.

صاحبة فكرة أول نعش صنع في الإسلام

كانت الصحابية أسماء هي أول من أشار بنعش المرأة، وأول ما صنعته للسيدة فاطمة رضي الله عنها. وهو على شكل هودج، رأت النصارى يصنعونه بالحبشة.

وكانت السيدة فاطمة قبل وفاتها قالت لأسماء: إني أستقبح ما يصنع بالنساء، (تقصد حين موتهن) يطرح على المرأة الثوب فيصفها.

فقالت لها السيدة أسماء بنت عميس: “يا ابنة رسول الله سأريك شيئا رأيته بالحبشة. فأحضرت جريد وحنته ثم طرحت عليها ثوبا، فلم يصف فقالت فاطمة: ما أحسن هذا، سترك الله كما سترتيني.

هذا هو حياء أمهات المؤمنين حتى في موتهن، فوصتها إذا مت فغسليني أنت وعلي ولا يدخلنّ أحد عليّ. وكانت كل امرأة تموت توضع في هذا النعش.

سترك الله ياصاحبة الهجرتين ويا زوجة الشهيدين والخليفتين كما سترتي نساء المسلمين.

كتبه| شيماء كمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى